الفصل الثاني
في أنّ التخصيص لا يوجب المجازية
كان المعروف بين الأُصوليّين هو انّ تخصيص العام يوجب المجازية أي استعمال العام في غير ما وضع له أعني الخصوص لكن الحقّ كما عليه المتأخّرون كونه حقيقة وإن خصِّص ، سواء كان المخصص متصلاً أم منفصلاً.
أمّا المتّصل فلأنّ كلاً من لفظي الأمر ومتعلقه في قولك : «أكرم العلماء العدول» استعمل في نفس معناه فأطلق العلماء وأُريد منه كلّهم ، كما أطلق العدول وأُريد منهم الموصوفون بالعدالة. فاللفظان مستعملان في معناهما وإن كان ظهور الكلام منعقداً في الخصوص ، فالمورد من قبيل تعدد الدالّ والمدلول.
وأمّا المخصص المنفصل فلأنّ المتكلم يستعمل العام في معناه اللغوي بالإرادة الاستعمالية ، فإذا كانت الإرادة الجدية مطابقة للإرادة الاستعمالية يَقتصر على العام ولا يكون أيّ حاجة للخاصّ ، وأمّا إذا كانت الإرادة الجدية من حيث السعة مخالفة للإرادة الاستعمالية فيشير المتكلم إلى من لم تتعلّق به الإرادة الجدّية بالمخصص حتى يدل على أنّ متعلّق الإرادة الجدية أضيق من متعلّق الإرادة الاستعمالية.
فلا يكون العثور على المخصص أيضاً سبباً لاستعمال اللّفظ في غير ما وضع له.