إنّما الكلام في أمر ثالث ، وهو هل العام حجّة في هذا الفرد المشكوك أو لا؟ والمسألة مبنية على سريان إجمال المخصص إلى العام فلا يكون حجّة فيه ، وعدمه فيكون حجّة.
التحقيق انّه يسري ، لأنّ المخصص المتّصل من قبيل القرائن المتصلة بالكلام ، وما هذا شأنه يوجب «عدم انعقاد ظهور للعام إلّا فيما عدا الخاص» فإذا كان الخاص مجملاً ، سرى إجماله إلى العام ، لأنّ ما عدا الخاص غير معلوم فلا يحتج بالعامّ في مورد الشكّ.
وإن شئت قلت : إنّ التخصيص بالمتصل أشبه شيء بالتقييد حيث يعود الموضوع مركباً من العام وعنوان «غير الفاسق» فلا بدّ في الحكم بوجوب الإكرام (حكم العام) من إحراز كلا الجزءين ، أعني : كونه عالماً وكونه غير فاسق ، والأوّل وإن كان محرزاً بالوجدان ، ولكن الثاني (غير فاسق) غير محرز ، لأنّه لو كان الفاسق موضوعاً لمرتكب الكبيرة ، فالموضوع محرز ، لأنّ مرتكب الصغيرة غير فاسق ، ولو كان موضوعاً للأعم فهو فاسق ، فلا ينطبق عليه عنوان العام المخصَّص (العالم غير الفاسق) ، وبما انّه لم يحرز عندئذ الجزء الآخر (غير الفاسق) ، فلا يصحّ التمسّك بالعام.
الصورة الثانية : المخصص المتّصل الدائر مفهومه بين المتباينين
إذا ورد العام منضماً إلى مخصص دائر مفهومه بين أمرين متباينين ليس بينهما قدر مشترك حتى يدور الأمر بين الأقل والأكثر ، كما إذا قال : أكرم العالم إلّا سعداً ، وكان مردّداً بين سعد بن زيد وسعد بن بكر ، فلا يمكن التمسّك بالعام في واحد منهما للبيان السابق حيث إنّ العام حجّة فيما عدا الخاص ، فيجب إحراز