الفصل الثامن
تخصيص العام بالمفهوم الموافق والمخالف
لا شكّ انّ العام كما يخصص بمنطوق القضية ، كذلك يخصص بمفهومها.
مثلاً لو افترضنا ورد عام يأمر باطاعة الوالدين في كلّ ما يأمران به وقال : أطعهما في كلّ ما يأمران.
ثمّ ورد قوله سبحانه : (إِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما). (١)
فمنطوق الآية ناظر إلى الشرك في العبادة فيخصص العام المتقدّم بهذا المنطوق.
ثمّ إنّ الآية تدلّ على حرمة اطاعتهما إذا جاهدا أن يشرك الولد ، في الخالقية والربوبية ، بطريق أولى (المفهوم الموافق) فيخصص به أيضاً ، العام السابق.
وجه الاتفاق على جواز التخصيص هو انّ المفهوم الموافق من مقولة الدلالة اللفظية عند العرف ، فكما يخصص العام بمنطوق الآية فهكذا يخصص بمفهومها الموافق لأنّهما في درجة واحدة لو لم يكن الموافق أعلى منزلة.
إنّما الكلام في تخصيص العام بالمفهوم المخالف ، فربما يتصوّر عدم الجواز لأجل انّ الدلالة المفهومية أضعف من الدلالة المنطوقية ، فصار ذلك سبباً لعقد
__________________
(١) لقمان : ١٥