الجهة الأُولى : في صحّة تكليف المعدوم
لا شكّ أنّ المعدوم من حيث إنّه معدوم لا يصحّ تكليفه بتوجيه البعث والزجر الفعليين إليه ، وهذا من القضايا التي قياساتها معها.
نعم يمكن إنشاء التكليف على العنوان (لا على الأفراد) الشامل للموجود والغائب والمعدوم إنشاءً بلا بعث ولا زجر فعليّ ليُصبح فعلياً بعد ما وجدت الشرائط وفقدت الموانع بلا حاجة إلى إنشاء جديد.
وعلى هذا فلا مانع من صحّة تكليف المعدوم وشمول التكاليف القرآنية لعامة المكلّفين عَبْرَ القرون.
الجهة الثانية : إمكان خطاب المعدوم
لا شكّ انّه لا يصحّ خطاب المعدوم خطاباً حقيقيّاً لغاية التفهيم والتفهم ، ولكن يمكن تصحيح خطاب المعدوم على النحو الذي مرّ في صحّة تكليف المعدوم ، وذلك بتعلّق الخطاب انشاءً بالعنوان لا بالأفراد ، ففي قوله سبحانه : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (١) تعلّق الخطاب بعنوان الناس وله مصاديق كثيرة عبر الزمان ، فمن كان واجداً للشرائط عند الخطاب يكون الخطاب في حقّه فعليّاً ، ومن كان فاقداً لها يكون الخطاب في حقّه إنشائيّاً ، وسيُصبح فعلياً عند توفّر الشرائط.
وعلى ذلك فلا مانع من شمول الخطابات القرآنية لعامة المكلّفين على النحو الذي حرّرناه.
__________________
(١) البقرة : ٢١.