الفصل الثالث
في مقومات الإطلاق
أو
مقدّمات الحكمة
قد عرفت ممّا ذكرنا أنّ الدلالة الإطلاقية دلالة عقلية وليست دلالة لفظية ، وعلى ذلك لا يستقل العقل بكون ما وقع تحت دائرة الإطلاق تمام الموضوع إلّا إذا ثبتت مقدمات ثلاث :
المقدّمة الأُولى : كون المتكلّم في مقام البيان
توضيحها : انّ المتكلّم قد يكون في مقام بيان تشريع حكم من الأحكام من دون نظر إلى خصوصيات موضوعه وشرائطه وعندئذ لا يعدّ الاخلال ببيان الشرائط مخلاً بالغرض ومنافياً للحكمة.
وهذا نظير ما إذا قال الطبيب للمريض الذي رآه في الشارع ورأى فيه انحراف الصحة : «يجب عليك أن تشرب الدواء» فهو بصدد بيان لبّ غرضه ، لا خصوصياته وجزئياته ، وأمّا ما هو ذاك الدواء وما خصوصياته؟ فهو موكول إلى وقت آخر ، ولا يتحقق ذلك إلّا باجراء الفحص والمعاينة وكتابة الوصفة ، وفي هذه الصورة لا يتمّ التمسّك بالإطلاق ، إذ لا يعدّ الترك مخالفاً للغرض.