الأمر الثالث
في الوضع
لا شكّ انّ الإنسان العارف باللسان ، إذا سمع لفظ «الماء» ينتقل إلى معناه ، أعني : الجسم السيّال الرطب ، إنّما الكلام في سبب الانتقال ، فهنا احتمالان :
١. وجود الرابطة الذاتية بين اللفظ والمعنى التي تكون سبباً لحضور المعنى. لكنّه احتمال ساقط إذ لازم ذلك ، حضور المعنى لكلّ من سمع اللفظ سواء كان عارفاً باللسان أم لا.
٢. انّ سبب الحضور ، هو وضع الواضع اللفظ للمعنى ، وبما انّ الوضع أمر اعتباري تكون العلقة الحاصلة بين اللفظ والمعنى كذلك غير انّهم اختلفوا في تفسير حقيقة ذلك الأمر الاعتباري.
فذهب المحقّق النهاوندي (المتوفّى ١٣١٧ ه) إلى أنّ حقيقة الوضع ليس إلّا التعهد بذكر اللفظ عند إرادة تفهيم المعنى ، وتبعه عدّة من الأعلام منهم المحقّق الخوئي ، قال : الوضع عبارة عن الالتزام النفسي بإبراز المعنى الذي تعلّق قصد المتكلّم بتفهيمه بلفظ مخصوص. (١)
يلاحظ عليه : مضافاً إلى استلزامه أن يكون كلّ مستعمل واضعاً لصدق
__________________
(١) أجود التقريرات : ١٢ / ١ ولاحظ المحاضرات : ٤٨ / ١.