الناشئ بين أهل اللغة من لدن صباه وإن كان غير ملتفت إلى علمه بالوضع.
وهذا النوع من العلم الإجمالي لا صلة له بالعلم الإجمالي المبحوث عنه في باب البراءة والاشتغال.
هذا إذا كانت الحجّة للمستعلم تبادرَ نفسه الذي هو من أهل اللسان وأمّا إذا كانت الحجّة للمستعلم ، تبادرَ الغير فهو كما إذا كان المستعلم من غير أهل اللسان ورأى أنّه كلّما يطلق الماء يتبادر عند بعض أهل اللسان ، الرطب السيّال ، فهو أيضاً غير مستلزم للدور ، لأنّ العلم التفصيلي للمستعلم متوقّف على التبادر بين بعض أهل اللسان ، والتبادر لديه يتوقّف على علمه الارتكازي بكون اللّفظ موضوعاً لذلك المعنى. ويحصل ذلك العلم الارتكازي له بنشوئه بين أهل اللسان منذ صباه. (١)
الثاني : صحة الحمل
إنّ من علامات الوضع صحّة الحمل ، توضيحه :
__________________
(١) وربما يجاب عن الدور بأنّه لا محل له أساساً ، لأنّه مبني على افتراض انّ انتقال الذهن إلى المعنى من اللّفظ فرع العلم بالوضع مع أنّه فرع نفس الوضع أي وجود عملية القرن الأكيد بين تصوّر اللّفظ وتصوّر المعنى في ذهن الشخص ، فالطفل الرضيع الذي اقترنت عنده كلمة «ماما» برؤية أُمّه ، يكفي نفس هذا الاقتران الأكيد ليتصوّر أُمّه عند ما يسمع كلمة «ماما» مع أنّه ليس عالماً بالوضع إذ لا يعرف معنى الوضع. ١ يلاحظ عليه : أنّه ليس شيئاً جديداً بل هو عبارة أُخرى عن العلم الارتكازي بالوضع ، فإنّ مرجع اقتران كلمة «ماما» برؤية الأُمّ ، في حياته إلى علمه الارتكازي بالوضع فانّ التقارن الممتد بين لفظ «ماما» ورؤية الأُمّ ، يورث الملازمة بينهما عند الطفل فإذا سمع الأوّل من دون الرؤية ينتقل إلى الثانية بلا اختيار ، وهذا هو المراد من العلم الارتكازي بالوضع.
١. دروس في علم الأُصول ، الحلقة الثانية : ٨٦.