في القرآن إلى استخراج المعنى الحقيقي له.
وقد ذكرنا لذلك مثالاً في الموجز (١) فلاحظ.
الرابع : تنصيص أهل اللغة
قد ذكروا انّ تنصيص أهل اللغة من أسباب التعرّف على الوضع وتمييز الحقيقة عن المجاز.
وقد استشكل عليه بانّ ديدن أهل اللغة بيان المستعمل فيه لا الموضوع له ، فترى أنّهم يذكرون للفظة القضاء معاني عشرة وللوحي معاني كثيرة مع أنّهما ليسا من المشترك اللفظي ، فلا يكون تنصيص أهل اللغة علامة للوضع.
أقول : إنّ علماء الأُصول لم يُولوا هذا الموضوع أهمية نظيره في الاطراد ، ويعلم ذلك من خلال النقاط التالية :
١. انّ المعاجم والقواميس ليست على نحو واحد ، فليس الجميع على ما وصفوه من ذكر موارد الاستعمال ، بل هناك مَنْ تطرّق إلى تمييز المعنى الحقيقي عن المجازي ، والمعنى الأصلي عن المعاني المتفرعة منه ، وقد ألّف على هذا المنوال كتاب المقاييس لأحمد بن زكريا (المتوفّى ٣٩٥ ه) وأساس البلاغة للزمخشري (المتوفّى ٥٣٨ ه) ، فالكتابان يعدّان من أحسن ما أُلّف في هذا الباب.
٢. انّ الإمعان في المعاجم المعروفة المتداولة التي تتكفل لبيان موارد الاستعمال ربما يوصل الإنسان الذكي إلى تمييز المعنى الحقيقي عن المجازي شريطة أن يكون له ذوق لغوي وفطانة خاصة ، مثلاً : إذا رجع إلى «القاموس» يرى انّه ذكر للفظ القضاء معاني عشرة وللوحي معاني متنوعة ، لكن لو أمعن النظر
__________________
(١) الموجز : ١٣١٢.