الأمر السادس
الجمل الإخبارية والإنشائية
ذهب مشاهير الأُدباء والأُصوليين إلى أنّ دور الصيغ الإنشائية هو دور الإيجاد لمعانيها فإذا قال : زوّجت ، فقد أوجد علقة الزوجية بين الزوجين ، وإذا قال : بعت بقصد الإنشاء ، فقد أوجد علقة الملكية بين البائع والمشتري ، وإذا قال : هل قام زيد؟ فقد أنشأ استفهاماً بالحمل الشائع ، إلى غير ذلك من الجمل الإنشائية بخلاف الجمل الإخبارية فإنّها بصدد الإخبار عن واقع المعاني المتحقّقة مع قطع النظر عن اللّفظ من دون أن تكون فيها رائحة الإنشاء والإيجاد.
وإن أردت التشبيه فلاحظ معاني الحروف فانّ قسماً منها حاك عن معنى متحقّق في الخارج ، كما إذا قال : سرت من البصرة إلى الكوفة ، فالحرفان مشيران إلى الابتداء والانتهاء الآليين المتحقّقين في الخارج قبل تكلمه.
كما أنّ قسماً منها موجد للمعنى من دون أن يكون له واقع وراء الاستعمال كما هو الحال في الخطاب والنداء ، فإذا قال : يا زيد ، فقد أوجد نداءً وخطاباً بنفس الاستعمال. وهكذا الجمل فهي بين إخبارية تحكي عن شيء وراء الاستعمال ، وإنشائية موجدة للمعنى بنفس النطق بها.