كما أنّه يجب تغيير عنوان البحث على القول ببقاء الألفاظ على معانيها اللغوية وانّ إرادة الخصوصيات حصلت عن طريق الدوال الأُخر ، (كما هو خيرة الباقلاني (١)) بأن يقال : انّ القرينة التي نصبها الشارع لإفادة الخصوصيات هل كانت دالّة على إرادة المعنى الصحيح أو الأعمّ ويكون الأصل في الاستعمال هو المعنى الذي نُصِبت عليه القرينة في هذا الاستعمال بحيث تحتاج إرادة المعنى الآخر إلى القرينة.
فتلخّص من ذلك انّ عنوان البحث إنّما يصحّ على القولين الأوّلين دون الأخيرين إلّا بتغيير عنوانه.
الثاني : في تفسير الصحّة لغة وشرعاً
قد تطلق الصحّة ويراد بها أحد المعنيين :
١. ما يقابل السقم والمرض ، فيقال : صحيح ومريض. وعلى هذا فهما أمران وجوديّان ، وكيفيّتان عارضتان للشيء باعتبار اتّصافه بكيفية ملائمة أو منافرة.
فالصحيح بهذا المعنى يقابله في العبادات والمعاملات الفاسد.
٢. ما يقابل المعيب ، فيقال : صحيح ومعيب ، وعلى هذا تكون الصحة أمراً وجودياً وما يقابلها أمراً عدمياً. والصحّة بهذا المعنى يقابلها النقص لا الفساد ، هذا هو تفسير الصحّة حسب اللغة.
وأمّا حسب الاصطلاح ، فالصحّة تارة تقع وصفاً للعبادة أو المعاملة
__________________
(١) هو أبو بكر محمد الطيب بن محمد القاضي المعروف ب «ابن الباقلاني» وليد البصرة ، وساكن بغداد ، متكلم على مذهب أبي الحسن الأشعري معاصر للشيخ المفيد ، توفي عام ٤٠٣ ه وله كتاب «اعجاز القرآن» و «التمهيد» و «الانصاف» لاحظ ترجمته في كتابنا «بحوث في الملل والنحل» : ٣١١ / ٣١٤٢.