وإن شئت قلت : إنّ الشارع لمّا أراد تهذيب الإنسان وتربيته ، من جانب ، ومن جانب آخر انّ ذلك الغرض ، إنّما يترتب على العبادة الصحيحة. ومن المعلوم انّ الفعل يُتحدّد من ناحية العلة الغائية فلا يكون العمل أوسع من الغرض والغاية المحرِّكة ، والمعلول الوضع يتضيق من ناحية علته الغائية.
وبعبارة أُخرى : انّ طبيعة الحال تقتضي أن يضع اللّفظ لما تعلق به غرضه ويفي به وهو الصحيح لا الأعم ، فانّ الداعي للاعتبار هو الداعي للوضع ، فوضع اللفظ للأوسع من الغرض يحتاج إلى داع آخر غير موجود.
نعم الإتيان بما يتعلق به الغرض يقتضي وجود قسم آخر وهو الفاسد ، فيطلق عليه الاسم (الصلاة) عناية. ومقتضى ذلك أن يكون الموضوع له هو ما يترتّب عليه الغرض ، واستعماله في الفاسد من باب العناية والمجاز.
المقام الثاني
في وضع اسماء المعاملات للصحيح
انّ العبادات من مخترعات الشارع فيصحّ فيها البحث عن انّ ألفاظها هل هي موضوعة في الشرع للصحيح أو للأعم منها ، وأمّا المعاملات فهي من مخترعات العقلاء وهم الذين وضعوا ألفاظ المعاملات في مقابل ما اعتبروه بيعاً أو نكاحاً أو إجارة وليس للشارع فيها دور سوى تحديدها بحدود وقيود فعلى ذلك فلا بدّ من تخصيص النزاع في كونها موضوعة للصحيح فحسب أو الأعم عند العرف.
ومع القول بامكان وضعها للأعم عند العرف لكن الدليل السالف الذكر