وإلى هذا الوجه يشير الشيخ الأنصاري في آخر تعريف البيع حيث يقول :
«وأمّا وجه تمسّك العلماء بإطلاق أدلّة البيع ونحوه ، فلأنّ الخطابات لما وردت على طبق العرف حمل لفظ البيع وشبهه في الخطابات الشرعية على ما هو الصحيح المؤثر عند العرف فيستدل بإطلاق الحكم بحله أو بوجوب الوفاء ، على كونه مؤثراً في نظر الشارع. (١)
الثانية : عدم صحّة التمسّك بالبراءة على الصحيح
انّ الثمرة الثانية للبحث هي انّ الفقيه إذا شكّ في شرطية شيء أو جزئيّته للمسمّى ، فعلى القول بالوضع للصحيح يكون الشكّ في شرطية شيء أو جزئيته ملازماً للشكّ في صدق المسمّى ، ومعه يجب الاحتياط حتى يعلم أنّه أتى بالمسمّى. بخلاف ما إذا قلنا بالوضع للأعمّ فإنّ الفاقد للمشكوك يكون مصداقاً للمسمّى ويعود الشكّ إلى الشكّ في شرطية شيء زائد على المسمى أو جزئيته ، فيكون الشكّ من قبيل الشكّ في تكليف أمر زائد. ويقع مجرى للبراءة ، وهذا بخلاف ما إذا قلنا بالوضع للصحيح.
يلاحظ عليه : أنّه إنّما يصحّ إذا كان الموضوع له أمراً بسيطاً حاصلاً من الأجزاء والشرائط كعنوان «الناهي عن الفحشاء» فعندئذ يرجع الشكّ في جزئية شيء أو شرطيته إلى صدق الناهي عن الفحشاء وعدمه ، وأمّا إذا كان الموضوع له أمراً مركباً ذا أجزاء وشرائط وذا مراتب كما مرّ فيصدق الجامع على الفاقد من الجزء المشكوك ويكون الشكّ في وجوب أمر زائد والمرجع عندئذ البراءة.
والحاصل انّه إذا كان الجامع ذا أبعاض وكان تعلّق التكليف بالمقدار المتيقن معلوماً وبغيره مشكوكاً ، يكون المرجع هو البراءة لانحلال العلم الإجمالي.
__________________
(١) المتاجر : آخر تعريف البيع.