وثانياً : أنّ مقتضى الإطلاق المقامي أيضاً هو التوصلية.
توضيحه : إنّ الإطلاق على قسمين : إطلاق لفظي ، وإطلاق مقامي.
الإطلاق اللّفظي : عبارة عن خلوّ المتعلّق من القيد ، فيحتج بخلوّ المتعلّق عن القيد على عدم مدخليّته في الواجب ، فمصبُّ الإطلاق اللّفظي هو متعلّق الأمر مع إمكان تقييده. وهذا هو الذي مرّ بيانه
وأمّا الإطلاق المقامي : فحاصله أنّ القيد المشكوك اعتباره في المأمور به إذا كان ممّا يغفل عنه أكثر الناس يجب على المولى التنبيه عليه إذا كان دخيلاً في الغرض ، إمّا بالأخذ في المتعلّق ، أو بالتنبيه عليه بدليل منفصل ، فلو افترضنا امتناع الأوّل ، فإمكان الثاني بمرحلة من الوضوح ، فسكوته حينئذ دليل على عدم المدخليّة.
ثمّ إنّ بعض المحقّقين استدلّ على امتناع أخذ قصد الأمر في المتعلّق بأنّ قصد الأمر إذا دخل في الواجب كان نفس الأمر قيداً من قيود الواجب ، لأنّ القصد المذكور مضاف إلى نفس «الأمر» ، وإذا لاحظنا الأمر وجدنا انّه ليس اختيارياً للمكلّف (١) كما هو واضح ، وقد ثبت في محلّه انّ القيود المأخوذة في الواجب يجب أن تكون اختيارية. (٢)
يلاحظ عليه : بالنقض أوّلاً : مثلاً إذا قال المولى : صلّ إلى القبلة ، فتكون نفس القبلة من قيود الواجب ، وهي خارجة عن اختيار المكلّف مع انّه جائز بالاتّفاق.
__________________
(١) لأنّه من فعل المولى لا المكلّف ، هذا ما فهمناه من عبارته ، ولعلّ كلامه ناظر إلى ما نقلناه سابقاً من القائلين بالمنع.
(٢) دروس في علم الأُصول : الحلقة الثانية : ٢٦٥.