لى فى الموت ، فقال قائل من السرير (١) : «وما بعد الموت» .. قال إبراهيم : فدخل علّى منه رعب حتى ما قدرت أحمل قائمة من السرير ، فدفن الميت ، وانصرف الناس ، فقعدت عند القبر مفكرا فى القائل من السرير ، فغلبتنى عيناى ، فنمت ورأسى على ركبتى عند القبر ، وإذا بشخص قد خرج من القبر أحسن الناس وجها ، وأطيبهم ريحا ، وأنقى ثيابا ، وهو يقول : يا بن أدهم (٢) ، قلت : لبيك ، من أنت يرحمك الله؟ قال : أنا القائل من السرير : «وما بعد الموت» .. فقلت له : بالله الذي فلق الحبة ، وبرأ (٣) النّسمة ، وتردّى بالعظمة (٤) ، إلّا قلت لى من أنت؟ قال أنا السّنّة (٥) ، أكون لصاحبى فى الدنيا حافظا ، وعليه رقيبا ، وفى القبر نورا ومؤنسا ، وفى القيامة سائقا وقائدا إلى الجنة.
وحدّث إدريس الحفّار شيخ (٦) قال : لما وضع الشّيخ العارف أبو الحسن الدّينورى ، المعروف بابن الصائغ (٧) فى قبره ، سمعته يقول : (رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ)(٨).
__________________
[انظر الأعلام ج ١ ص ٣١ ، وطبقات الصوفية ص ٢٧ ـ ٣٨ ، وحلية الأولياء ج ٧ ص ٣٦٧ ـ ٣٩٥ ، وج ٨ ص ٣ ـ ٥٨ ، والرسالة القشيرية ج ١ ص ٥٤ ـ ٥٧ ، وطبقات الشعرانى ج ١ ص ٦٩ و ٧٠ ، وفوات الوفيات ج ١ ص ١٣ و ١٤ ، والتاريخ الكبير للبخارى ج ١ ص ٢٧٣ ، وشذرات الذهب ج ١ ص ٢٥٥ و ٢٥٦ ووفاته فيها سنة ١٦٢ ه].
(١) السرير : النعش الذي يحمل عليه الميت.
(٢) فى «ص» : «يا إبراهيم».
(٣) فى «م» : «خلق» مكان «فلق». ومعنى برأ : خلق وأوجد.
(٤) تردّى بالعظمة : لبس رداء العظمة.
(٥) يريد : سنّة محمد صلّى الله عليه وسلم ، أو العمل بها.
(٦) الفعل «حدّث» من عندنا لاستقامة المعنى ، وهذه الفقرة عن «م» ولم ترد فى «ص».
(٧) هو على بن محمد بن سهل ، المعروف بابن الصائغ الدينورى ، كان من كبار المشايخ ، وكان كبير الهيبة ، يهابه كلّ من رآه ، وكان من المخلصين فى معاملة الله تعالى ، أقام بمصر ، ومات بها سنة ٣٣٠ ه.
[انظر ترجمته فى حلية الأولياء ج ١٠ ص ٣٥٣ ، وطبقات الصوفية ص ٣١٢ ـ ٣١٥ ، وطبقات الشعرانى ج ١ ص ١٠٢ ، والرسالة القشيرية ج ١ ص ١٥٣ ، وشذرات الذهب ج ٢ ص ٣٣٠ وفيها توفى سنة ٣٣١ ه].
(٨) سورة «المؤمنون» ـ الآية ٢٩. وإلى هنا ينتهى الساقط من «ص».