وذكر ابن يونس فى تاريخه أن عقبة بن عامر توفى سنة ٥٨ بمصر ، وقبر بمقبرتها بالمقطم [وكانت داره بدمشق بناحية قنطرة سنان من باب «توما»](١). وكان قارئا ، عالما بالفرائض والفقه ، فصيح اللسان ، شاعرا ، وكانت له السابقة والهجرة ، وكان كاتبا ، وكان أحد من جمع القرآن ، ومصحفه بمصر بخطّه ، على غير التأليف الذي فى مصحف عثمان (٢) ، وفى آخره : كتبه (٣) عقبة بيده .. قال ابن يونس : ورأيت له خطّا جيدا ، ولم أزل أسمع شيوخنا يقولون «مصحف عقبة» لا يشكّون فيه .. وكانت ولايته على مصر سنتين وثلاثة أشهر (٤). وقبره ظاهر يتبرّك به ويعرف بالإجابة .. كان يأخذ بزمام بغلة رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، قال ـ رحمة الله عليه : «بينا كنت آخذ (٥) بزمام بغلة رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلم فى نقب (٦) من تلك النقاب ، إذ قال لى : يا عقبة (٧) ، ألا تركب؟ فأشفقت أن تكون معصية ، قال : فنزل رسول الله ، صلّى الله عليه وسلم ، وركبت هنيهة (٨) ، ثم ركب ، ثم قال لى : يا عقبة ، ألا أعلّمك سورتين من خير سورتين قرأ بهما الناس (٩)؟ قلت : بلى يا رسول الله .. قال : فأقرأنى : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) .. ثم أقيمت الصلاة ، فتقدم رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقرأ بهما (١٠) ، ثم مرّ بى فقال : كيف رأيت
__________________
(١) ما بين المعقوفتين عن «م» ولم يرد فى «ص» .. وباب توما : هو أحد أبواب دمشق من الجانب الشرقى.
(٢) أى : على غير ترتيب السور فى المصحف العثمانى.
(٣) فى «م» : «كتب».
(٤) فى «م» : «وثلاث شهور» خطأ.
(٥) فى «ص» : «بينا أنا أقود برسول الله صلّى الله عليه وسلم».
(٦) النّقب : الطريق. وفى «م» : «لقب» تصحيف.
(٧) هكذا فى «ص» .. وفى «م» حذفت «يا» النداء ، وهذا جائز فى اللغة.
(٨) الهنيهة : القليل من الزمان. وفى «م» و «ص» : «هنية».
(٩) هنا اضطراب فى سياق الحديث فى «م» .. وفى «ص» : «قرأتهما». وما أثبتناه هنا عن النّسائى.
(١٠) هكذا فى «ص» والنسائى .. وفى «م» : «فقرأتهما».