صدرى ، فشهدت شهادة الحق ، وقبضت ـ رضى الله عنها ـ سنة ٢٠٨ ه وذلك بعد موت الشافعى بأربع سنين» .. حكى ذلك عن البويطى.
وما أحسن ما قال بعضهم فى خروج روحها ـ رضى الله تعالى عنها :
روح دعاها للوصال حبيبها |
|
فأتت إليه مطيعة ومجيبة |
يا مدّعى صدق المحبّة هكذا |
|
فعل المحبّ إذا دعاه حبيبه (١) |
وأوصت السيدة [نفيسة](٢) رضى الله عنها ألّا يتولى أمرها غير بعلها ـ وكان مسافرا كما قدمنا ـ فلما ماتت قدم فى ذلك اليوم ، فلما قدم اجتمعت الناس من البلدان والقرى ، وأوقدت الشموع فى تلك الليلة ، وسمع البكاء من كل دار بمصر ، وهيّأ لها بعلها تابوتا وقال : لا أدفنها إلّا بالبقيع عند جدها .. فتعلّق به أهل مصر وسألوه بالله أن يدفنها عندهم ، فأبى ، فاجتمعوا وجاءوا إلى أمير البلد وتوسّلوا به إليه ليدفنها عندهم وليرجع عمّا أراده .. فسأله الأمير (٣) فى ذلك وقال له : بالله لا تحرمنا مشاهدة قبرها ، فإنّا كنّا إذا نزل بنا أمر (٤) أتينا إلى دارها وهى حيّة فنسألها الدعاء ، فإذا دعت لنا رفع عنا ما نزل بنا ، فدعها تكون فى أرضنا ، إذا نزل بنا أمر أتينا إلى قبرها ، فنسأل الله عنده. فلم يرض (٥) ، فجمعوا له مالا كثيرا ، وسق (٦) بعيره الذي أتى
__________________
(١) وفى رواية : «صدق المحبّ إذا دعاه حبيبه».
[انظر السيدة نفيسة لأبى علم ص ١٨٧ ط دار المعارف].
(٢) زيادة من عندنا.
(٣) فى «م» : «قال : فسأله» وهو عبد الله بن السّرىّ بن الحكم أمير مصر. وكان السّرىّ وبنوه يجلّون السيدة نفيسة ويعظمونها ، وقد أمر عبد الله بأن يبنى لها مقام على قبرها إعلاما لعلو شأنها ورفعة قدرها.
(٤) فى «م» : «أمرا» بالنصب ، خطأ ، والصواب ما أثبتناه (فاعل مرفوع) فى الموضعين.
(٥) فى «م» : «قال : فلم يرض».
(٦) وسق : حمل.