علىّ ثياب لو تباع جميعها |
|
بفلس لكان الفلس منهنّ أكثرا |
وفيهنّ نفس لو تقاس بجودها |
|
نفوس الورى كانت أجلّ وأوفرا (١) |
فتقدم إليه العراقىّ وعلم أنه تكلم فى خاطره ، فقال : يا سيدى ، أنا تائب إلى الله سبحانه وتعالى ، وأريد منك المؤاخاة ، وقد جئت من العراق بأحمال ، وهى هبة منى إليك. قال : لو قبلت من غيرك لقبلت منك ، ولكنى أخاف أن أقبل ذلك منك فتطمع الملوك منى فى قبول هداياهم ، فتصدّق بمالك على من شئت ، واقنع منى بثلاث. قال : وما هى؟ فقال : أكبر نفسك بالطاعة ، وأعرض عن الدنيا ، واجعل افتقارك إلى الله عزّ وجلّ. وقد نصحتك ، والسلام.
قال : فخرج العراقى وهو يبكى.
وبعث إليه ملك مصر بجائزة ، وقال له مع الرسول : إنّ أصحابك قبلوا الجوائز ، فاقبل أنت كذلك. فردّها وقال : لا حاجة لى بشىء. ثم كتب إليه يقول :
أرى أناسا بأدنى الدّين قد قنعوا |
|
ولا أراهم رضوا فى العيش بالدّون (٢) |
فاستغن بالله عن دنيا الملوك كما |
|
استغنى الملوك بدنياهم عن الدّين |
فلما وقف الملك على ذلك اغتاظ غيظا عظيما ، فقال له وزيره : إيّاك أن تتعرض إليه بشىء ، فإنّ خزائنك وأموالك وعساكرك لا تقيك من دعائه.
والكلام (٣) على فضله كثير ، والله أعلم بالصواب.
ثم تخرج من تربة الأدفوى إلى مصلّى «عنبسة» ، وهو المصلّى القديم ، ذكره القضاعىّ فى الخطط ، وقد خربت ودثرت ، ومنها مسجد زهرون ،
__________________
(١) فى الديوان : «ببعضها» مكان «بجودها». «وأكبرا» مكان «وأوفرا».
(٢) فى «م» : «أرى أناسى».
(٣) فى «م» : «بالجملة فالكلام».