قيل إنّ امرأة جاءت إلى أحدهم. وهو جالس فى حانوته ، وهى تبكى ، ومعها خمسة دنانير قد أخذتها صداق ابنتها ، فقال لها : ما هذا البكاء؟ هذا يوم فرح ما هو يوم بكاء. فقالت : والله يا شيخ لقد تحيرت فى أمرى. فقال لها : والله وأنا كذلك ، وبكى ، فقالت له : أنا حائرة فى بقية جهازها (١) ، فدفع إليها ما تحتاج إليه من الجهاز ، وردّ عليها الخمسة دنانير وقال : أنفقيها عليها. فلما أرادت القيام قال لها : بالله عليك إذا فرحت ابنتك قولى لها تدعو للشيخ الحائر فى أمره أن يدلّ الله حيرته. فلما مات رآه جماعة فى المنام ، فقالوا (٢) له : ما فعل الله بك؟ فقال : أوقفنى بين يديه وقال : يا شيخ ، قد دللت حيرتك كما دللت حيرة اليتيمة.
وتستقبل الغرب خارجا عن التربة ، قاصدا إلى تربة الوزير الجرجانى ، قبل وصولك إليها تجد قبر أبى نصر سراج المعافرى الزاهد ، رحمه الله تعالى ، توفى سنة أربعة عشرة وثلاثمائة ، وكان رجلا صالحا مجاب الدعوة ، ومسجده مشهور بعقبة سراج [عند دويرة بكار ، على يمين الخارج من درب سالم ، وقبره قبلى مصلى التجار ، بعد مجاوزة تربة الوزير أبى القاسم على بن أحمد ، ملاصق لقبر أبى سعد المالينى ، وهما قبران مبنيان ، مسنمان ، ومعهما فى الحجرة قبر أبى الفتح الفرغانى الصوفى ، عنده محراب مبلط بكدان ، وكان رجلا زاهدا ، عليه ثياب خلقة ، واجتهدوا أن يخلع ذلك الذي عليه من الثياب ويلبس ثيابا ترضى ، فأبى ، إلى أن مات على ما كان عليه](٣).
ومقابل قبر سراج الدين على اليسار قبر الشاب التائب رحمه الله ، وقدّامه
__________________
(١) هكذا فى «م» .. وفى «ص» : «شوارها» وهى بمعنى الجهاز أيضا.
(٢) فى «م» : «فقال» لا تصح.
(٣) ما بين المعقوفتين عن «م» ولم يرد فى «ص».