أبى القاسم على بن أحمد الوزير ، قيل إنه أقام وزيرا ستين سنة على ثلاث خلفاء ، وكان يتولى بعض الدواوين بمصر (١) ، وإن قافلة فى أيامه جازت على «منوف» (٢) من الإسكندرية فقطع عليهم الطريق ، فوقف الإسكندرانيون لوالى «المحلة» ، فقال لهم : ليس لى حكم على «منوف» لأنها جهة الخليفة ، ولكن امضوا إلى الخليفة بالقاهرة. وكان الخليفة يومئذ (٣) الحاكم بأمر الله ابن العزيز ، فقدموا للديار المصرية ، فوجدوا الحاكم ـ فى يوم دخولهم المدينة ـ راكبا على حمار ، فوقفوا له ، فقال : ما تريدون (٤)؟ فأخبروه ، فقال : لم لا وقفتم لوالى «المحلة»؟ فقالوا : قد وقفنا له (٥) وقال إنه لا حكم له على الناحية لأنها لجهة الخليفة. فقال لهم : ومن دفع «منوف» إلى الجهة؟ امضوا إلى غد حتى أكشف عن هذه القضية (٦).
فمضى إلى قصره وقال للجهة : من الذي حكّمك على «منوف»؟ فقالت له : توقيعك. فقال : وأين توقيعى؟ فأحضرته إليه ، فنظر إلى علامته فشك (٧) فيها وقال : ما هذا خطّى. ونظر إلى خط الوزير علىّ بن أحمد الجرجانى تحتها ، فأحضره وقال : هذا خطّك؟ قال : نعم. فحنق عليه للوقت وقال : اقطعوا يده التى كتب بها. فأخرج يده اليسرى من كمّه الأيمن ، فقطعت. فقال (٨) الواسطة السّرّ أنه لم يخرج يده اليمنى ، وإنما أخرج يده اليسرى ، فنظرها الحاكم وقال : تقطع يده اليمنى الساعة! فقطعت.
__________________
(١) فى هذا الموضع فى «م» : «وقطع الحاكم يده» وستأتى بعد قليل.
[وانظر وفيات الأعيان ج ٣ ص ٤٠٧ و ٤٠٨ ترجمة الظاهر العبيدى].
(٢) هكذا فى «ص» .. وفى «م» : «منف» فى كل المواضع.
(٣) فى «م» : «إذ ذاك».
(٤) فى «م» : «ما تريدوا؟» خطأ ، وهو ساقط من «ص».
(٥) فى «م» : «به».
(٦) فى «ص» : «القصة».
(٧) فى «م» : «فكشف».
(٨) أى : فأفشى.