ما جعل له ، فلما كان فى هذا العيد (١) فعل كما جرت عليه العادة (٢) ، وزاد فى الجريدة الشيخ أبا عبد الله بن جابار مائة دينار ، فأنفقت المال فى أربابه ، حتى لم يبق إلّا الصّرّة ، فجعلتها فى كمّى وسرت مع النقيب حتى أتينا إلى منزل الشيخ (٣) بظاهر القرافة ، فقال لى النقيب : هذه (٤) داره ، فطرقت الباب ، فنزل إلينا شيخ عليه أثر السّهر لم ينم ، فسلّمت عليه ، فلم يردّ علىّ السلام وقال : ما حاجتك؟ فقلت : الأستاذ أبو المسك «كافور» (٥) يخص الشيخ بالسّلام. فقال : والى بلدنا؟ قلت : نعم. قال : [عليك وعليه السلام ورحمة الله وبركاته](٦) حفظه الله ، يعلم أننى أدعو له فى الخلوات ، وإدبار الصلوات وللمسلمين بما الله سامعه ويستجيبه [إن شاء الله تعالى] .. قلت : وقد أنفد معى هذه الصّرّة ، وهو يسألك قبولها فى مؤنة هذا العيد المبارك. فقال : نحن رعيته ، ونحن نحبّه فى الله تعالى ، [وما نفعل هذا بعلّة](٧) فراجعته القول ، فتبيّن لى الضّجر فى وجهه ، والقلق والتلهف ، فاستحييت من الله تعالى أن أقطعه عمّا هو فيه ، فتركته وانصرفت ، فجئت إلى دار الأمير ، فوجدته (٨) قد تهيأ للركوب وهو ينتظرنى ، فلمّا رآنى (٩) تهلّل وجهه وقال : هيه يا أبا بكر! فقلت له : أرجو أن يستجيب الله فيك كلّ دعوة صالحة دعيت لك فى هذه الليلة ، وفى هذا اليوم الشريف. فقال : الحمد لله الذي جعلنى سببا لإيصال
__________________
(١) فى «م» : «فى العيد الذي مضى».
(٢) فى «ص» : «كما جريت على العادة».
(٣) فى «ص» : «إلى منزله».
(٤) فى «ص» : «هاهنا».
(٥) «كافور» عن «ص».
(٦) ما بين المعقوفتين عن «م» : «ولم يرد فى «ص» فى الموضعين.
(٧) ما بين المعقوفتين عن «ص».
(٨) هكذا فى «م» .. وفى «ص» : «فجئت فوجدت الأمير.
(٩) فى «م» : «فلمّا نظرنى».