أهل مصر والقاهرة من الرجال والنساء ، وكثر الفساد منهم وفيهم (١) ، فقيل للخليفة ذات يوم : فى القرافة رجل صالح يقال له عبد الحميد ، فالتمس منه الدعاء (٢) ، فأرسل إليه الخليفة رسولا (٣) ومعه نفقة ، فجاءه الرسول فقال له : الخليفة يسلم عليك ويسألك الدعاء ، وهذه نفقة قد سيّرها (٤) إليك. فقال للرسول : سلّم عليه وقل له : أمّا الدعاء فأنا أدعو له ، وأمّا النفقة فلا حاجة لى بها. فقال له الرسول : وهو يسألك أن تشرفه بحاجة. فقال له : قل له حاجتى أن يطلع إلى قصره (٥) ويترك ما هو فيه.
فرجع الرسول إلى الخليفة وقال له ما قال الفقيه ، فردّه إليه وقال : قل له أنا أطلع ، ولكن أشتهى أن أزوره ، فيتهيأ حتى أزوره. فقال الفقيه : قل له يطلع إلى القاهرة ولا يزورنى (٦) فأنا أدعو له.
فرجع الرسول إلى الآمر (٧) وأخبره ، فقال له : ارجع إليه وقل له : لا بد.
__________________
(١) فى «م» : «وكثر الفساد فيهم».
وفى الكواكب السيارة بعد ذلك : «فركب بعض حجّابه ـ أى حجّاب الآمر ـ وقصد جهة القرافة ، فإذا عبد الحميد فى تربة ومعه خمسة نفر وهو يقول لهم : لا تعجلوا ، اتركوه ولا تدعوا عليه دعوة يأخذه الله بها أخذ القرى وهى ظالمة ، فعلم الحاجب أنهم يعنون الخليفة ، فعاد وأخبره وقص عليه القصة فقال : ارجع إليه وادفع له هذه المائة دينار وقل له : الخليفة يسلم عليك ، وهذه مائة دينار انفقها عليك ، وهو يسألك الدعاء. فجاء بها الحاجب إليه ، فلما رآه عبد الحميد قال له قبل أن يصل إليه : خذها وارجع إلى سيدك ...».
(٢) قوله : «فالتمس منه الدعاء» عن «م» وساقط من «ص».
(٣) فى «ص» : «فأنفذ إليه رسولا».
(٤) فى «ص» : «يسرها».
(٥) فى «ص» : «قصده». تحريف.
(٦) فى «م» : «وليس له بزيارتى من حاجة».
(٧) فى «م» : «الأمير».