فقلت : «والله يا أبا القاسم ما هتكتك ، ولكنى سترتك». وكنت كلّما قرأت : (وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ)(١) يتقلب معى يمينا وشمالا على المغتسل ، ولم يصل إلى الأرض من ماء غسله شىء ، إنّما كان يؤخذ ، حتى قيل إنّ أهل مصر اقتسموه فى المكاحل ، فكان كلّ من رمد أو لحقه «طلوع» (٢) أو غيره يكتحل منه ، أو يضعه على المحل الذي يشتكيه ، فيبرأ (٣) للوقت.
ولمّا حمل على السّرير (٤) جاء الطير فظلّل السّرير إلى أن دفن الشيخ (٥) والناس ينظرون إليه. توفى سنة ثمان (٦) وعشرين وخمسمائة.
ومعه فى الحومة منصور الزيات ، وعبد السلام السّكّرى ـ رحمهما الله تعالى ـ [وحومته حومة مباركة كثيرة الصالحين](٧).
وبحرى قبره قبر فاطمة السوداء ، رحمها الله تعالى ، كانت من الصالحات العابدات القانتات (٨).
* * *
وتمشى وأنت مبحّر تحت جوسق «عبد على» من الجهة البحرية [تجد](٩) قبرا عليه عمود ، فوق رأسه وجه أبيض ، قيل : إنه كان (١٠) له
__________________
(١) سورة الكهف ـ من الآية ١٨.
(٢) الطلوع : ما يخرج ويطلع بالبدن من قروح كالخراج والدّمل ونحوهما.
(٣) فى «ص» : «أو يوضع على «الطلوع» والألم فيذهب».
(٤) فى «ص» : «النعش» مكان «السرير» فى الموضعين ، وهى بمعناها.
(٥) فى «م» : «حتى دفن».
(٦) فى «م» : «ثمانية».
(٧) ما بين المعقوفتين عن «م».
(٨) فى «ص» : «كانت من الصالحين ، وكان من تحتها القرافة».
(٩) فى «ص» : «من جهة البحر». وما بين المعقوفتين من عندنا لاستقامة السياق.
(١٠) فى «ص» : «قيل كان».