من يحصل لى (١) مثل سحنون ، يقرأ على ابن القاسم وأقوم؟ والله لا آخذ شيئا من ذلك!
وحكى أنّ أمير مصر قال لعبد الرحمن بن القاسم : إنّى أريد أن أزوّجك ابنتى وأقوم عنك بجميع لوازمها. فقال : حتى أشاور معلمى سليمان ـ يعنى الزاهد ـ فشاوره ، فقال له سليمان (٢) : أتحبّ أن تلبس الخزّ؟ قال : لا والله. قال : أتحبّ أن تركب الخيل؟ قال : لا والله. قال : أتحبّ أن تخدمك الصقالبة؟ قال : لا والله. قال : أفتحبّ أن يراح عليك بالجفان غدوة وعشية؟
قال : لا والله. قال : أفتحب أن يشار لك بالأصابع؟ قال : لا والله. قال : فما تريد بمصاهرة هذا؟ ارجع عن ذلك تلقى الخير إن شاء الله تعالى.
وقيل لابن القاسم : متى يكون العالم عالما؟ قال : إذا لم يكن بينه وبين الله رياء.
وكان يداوم الصوم حتى يرى كالشّنّ البالى.
وقال الشيخ عبد الوهاب البغدادى : كان ابن القاسم قد محل من العبادة (٣) والصوم حتّى كان يرى باطن عظمه.
وقال الجوهرىّ : الوعّاظ (٤) ثلاثة ، كانت ترى خضرة البقل من تحت جلودهم ، وهم : ابن الوردى ، وعتبة الزاهد ، وابن القاسم.
وقال ابن القاسم لابن الماجشون (٥) ـ وقد قال له : أوصنى ـ قال :
__________________
(١) أى : من يكون لى ، أو من يجلب لى.
(٢) فى «م» : «فقال له : يا سليمان» لا تصح. فالقائل هنا هو سليمان ، والموجّه إليه القول هو ابن القاسم.
(٣) محل من العبادة : ذهبت نضارته ورقّ جلده.
(٤) فى «م» : «الواعظ».
(٥) هو أبو مروان عبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون ، من أصحاب الإمام مالك ، كان فصيحا مفوّها ، وعليه دارت الفتيا فى زمانه بالمدينة ، وتوفى سنة ٢١٣ ه.