إلى السجن وهو يقول له : إنه يسلم عليك ـ وكانت بينهما صداقة ـ وإذا كان الغد وأحضرت بين يدى أمير المؤمنين وسألك عن خلق القرآن فقل به ، ولك علىّ أربعون (١) حملا محمّلة ممّا تريد ، تعود بها إلى مصر. فقال للرسول : نعم فى غد نتكلم إن شاء الله تعالى.
فلما أحضر جلس الخليفة ، وجلس ابن أبى دؤاد ، فقال له البويطى : والله لا أقول ذلك ولو أعطيت وزن جبل تهامة ذهبا ، فضرب ، فكان إذا شرب الماء خرج من بين أضلاعه. وكان يقول : من قال إنّ القرآن مخلوق فهو كافر.
هكذا قال المزنىّ والربيع ، وكلّ منهما يروى ذلك عن الشافعى.
ولأبى يعقوب مختصر غاية فى الحسن ، على مذهب الإمام الشافعى ، على نظم أبواب المبسوط.
وحكى عنه صاحب جمع الجوامع ، مع القاضى تاج الدين السبطى ، عن البويطى ، عن الشافعى : أنّ الإنسان إذا مات وعليه اعتكاف واجب اعتكف عنه أولياؤه. وفى رواية : يطعم عنه أولياؤه. وفى رواية : يسقط ولا شىء عليه.
ومن اختياره أنّ الجنب إذا تيمم بنيّة الطّهارة الصّغرى لم يصح تيمّمه ، وبهذا قال الربيع. وهو قول مالك وأبى حنيفة.
قال البويطى : رأيت مكتوبا على حائط : «الزاهد من لا يجد فيزهد».
قلت : «إنّما الزّاهد من يجد فيزهد».
قال السّاجى : كان أبو يعقوب إذا سمع المؤذّن وهو فى السجن يوم الجمعة ، اغتسل ولبس ثيابه ، ويمشى حتى يبلغ باب السجن ، فيقول له السّجّان : إلى أين تريد؟ فيقول : أجيب داعى الله. فيقول : ارجع عافاك الله.
فيقول : اللهمّ إنك تعلم أنّى قد أجبت داعيك فمنعت (٢).
__________________
(١) فى «م» : «أربعين» خطأ.
(٢) هذا الفعل فعله واقتدى به أيضا القاضى «بكّار» حينما سجنه أحمد بن طولون ، فإذا