حكى عنه المسكى وابن بصيلة : أنّ جنديّا أتى إليه وقاوله على عمل طبق من النحاس الأصفر ، فجلس ، وجلس الجندى عنده حتى فرغ ، وكان لا يفتر لسانه عن ذكر الله سبحانه وتعالى ، فلما فرغ من الطبق دفعه للجندى ، فأعطاه الجندى دينارا ، فنظر إليه ورماه وقال : ادفع إلىّ ما شارطتك عليه. فألحّ الجندى عليه فى قبوله ، فقال : إنّ لله عبادا لو قالوا لهذا النحاس الذي بين يدىّ كن ذهبا صار ذهبا!
فدفع الجندىّ إليه ما شارطه عليه ، وأخذ الطبق وسار به إلى منزله فوجده ذهبا ، فجاء إليه فوجده قد مات. وكانت وفاته فى سنة ٤٣٨ ه.
* * *
وبالقرب من تربته أشهب (١) ، وقبر به إنسان يقال له الشيخ أبو بكر المصفّر ، وهو على مسامته قبر الصّفّار (٢) ، لكن على بعد من جهته البحرية ، ولقّب بالمصفّر لكثرة نحوله واصفراره ، وكان مقيما برباط الفقيه نصر ، وأوصى بأن يدفن بهذا المكان ، وأنه إذا وضع فى قبره يؤخذ الكفن من عليه. وقال : أحبّ أن أخرج من الدنيا عريانا.
حكى عنه قال : حججت سنة من السنين وإذا بأعرابىّ فى الطواف يقول : «إلهى ، من أولى الناس بالتقصير منى وقد خلقتنى ضعيفا؟ ومن أولى منك بالكرم وقد تسمّيت رءوفا؟ أطعتك بمنّك ولك المنّة علىّ ، وقد عصيتك بحلمك فلك الحجّة علىّ ، فبانقطاع حجّتى ووجوب حجّتك ، وفقرى إليك وغناك عنى إلّا ما غفرت لى».
__________________
(١) هو أشهب بن عبد العزيز الفقيه ، صاحب الإمام مالك ، وقد مرّ.
(٢) على مسامتة قبر الصّفّار ، أى : يقابله ويوازيه.