قال بشر بن منصور : لمّا كان زمن الطاعون كان رجل يختلف إلى الجبانة (١) فيشهد الجنائز فيصلى عليهم ، وإذا أمسى (٢) وقف على المقابر فقال : «آنس الله وحشتكم ، ورحم غربتكم ، وتجاوز عن سيّئاتكم ، وقبل حسناتكم» ، لا يزيد على هذه الكلمات .. قال الرجل : فأمسيت (٣) ذات ليلة فانصرفت إلى أهلى ولم آت المقابر فأدعو بما كنت أدعو به ، فبينما أنا نائم إذا بخلق كثير قد جاءونى ، فقلت : من أنتم؟ وما حاجتكم؟ قالوا : إنك كنت تدعو فى كل يوم عند انصرافك إلى أهلك بدعوات دعوت لنا بها .. قلت : فإنى أعود. فما تركتهن بعد (٤).
وعن عبد الرحمن بن العلاء (٥) عن أبيه ، أنه قال لولده : إذا أنا متّ وأدخلتمونى فى اللحد فهيلوا (٦) علّى التراب وقولوا : بسم الله ، وعلى ملّة رسول الله ، صلّى الله عليه وسلم ، وسوّوا علّى التراب ، واقرءوا عند رأسى بفاتحة الكتاب وفاتحة البقرة ، إلى قوله : [تعالى](٧) : (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(٨) ، وخاتمتها (٩) من قوله تعالى : (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ)(١٠) ، فإنى سمعت ابن عمر ، رضى الله عنه ، يستحب ذلك .. رواه الطبرانى فى معجمة (١١).
__________________
(١) يختلف إلى الجبّانة : يأتى إليها.
(٢) هكذا فى «م» وفى الكواكب السيارة ص ١٧ ـ وفى «ص» : «فإذا مشى».
(٣) هكذا فى «م» والمرجع السابق ـ وفى «ص» : «فأنسيت».
(٤) هكذا فى «م» وفى «ص» باختلاف يسير فى بعض الألفاظ .. وفى الكواكب السيارة : «.. فقالوا : إنك عوّدتنا عند انصرافك بهدية تهديها إلينا. فقلت : وما هى؟ قالوا : الدعوات اللاتى كنت تدعو بهنّ عند انصرافك إلى أهلك. قال : فما زلت عليهنّ ما دمت حيّا».
[انظر المصدر السابق ص ١٨].
(٥) سبق التعريف به. وهذه الفقرة عن «م» ولم ترد فى «ص».
(٦) أى : فصبّوا وأرسلوا .. وفى «م» : «فهيّئوا».
(٧) ما بين المعقوفتين من عندنا.
(٨) سورة البقرة ـ من الآية الخامسة. أى : يقرأ الآيات الخمس الأولى منها.
(٩) فى «م» : «وخاتمها».
(١٠) سورة البقرة ـ من الآية ٢٨٤. والمراد قراءة الآيات الثلاث الأخيرة من السورة المشار إليها.
(١١) إلى هنا ينتهى الساقط من «ص».