وقال أيضا : «تهت فى تيه بنى إسرائيل خمسة عشر يوما ، ثم وجدت الطريق ، فرأيت جنديّا فسقانى. شربة ماء ، فلما سقانى أحسست بكرب عظيم ، فأنا أجد قسوتها فى قلبى ثلاثين سنة».
وقال الرّفّاء : سألت الزّقّاق : من أصحب؟ قال : من أسقط بينك وبينه مؤنة التّحفّظ.
وقال : لا يصلح الفقراء إلّا لأقوام كنسوا بأرواحهم المزابل.
وقال الزّقّاق : كنت أبكر للجامع فى كل جمعة أجلس عند الجنيد ، فمررت فى يوم جمعة على جارى العادة ، فرأيت فى طريقى رجلين يقول أحدهما (١) للآخر : اذهب بنا للجنيد نسأله عن الزّقّاق ، فتبعتهما حتى دخلا سقاية يتطهران (٢) ، فرأيت معهما شيئا كرهته ، فقلت : لا حول ولا قوة إلّا بالله العلىّ العظيم ، إنّا لله وإنا إليه راجعون.
ثم جاءا وأنا معهما (٣) حتى وقفا على الجنيد ، فقال : أين المغتاب؟ فقلت فى نفسى : قد علم بى وتكلّم على خاطرى. ثم قال الثانية : أين المغتاب؟ اسألنا حتى نجعلك فى حلّ. فقلت : يا سيدى ، ما قلته إلّا غيرة. فقال : يا أبا بكر ، لا تتّهم أقواما أتحفهم الحقّ فى سابق علمه وأزليّته ، وطهّرهم بكرامة وحدانيته ، حتى إذا كان وقت بدئهم استخرجهم من أنوار خاصة (٤) ، وعجن أرواحهم بأنواع أنوار قدسه ، وأقامهم بين يديه ، ونظر إليهم بعين رحمته ،
__________________
(١) فى «م» : «إحداهما» خطأ من الناسخ ، والصواب ما أثبتناه.
(٢) فى «م» : «حتى دخلا سياقه يتطهرون» تحريف من الناسخ والصواب ما أثبتناه من الكواكب السيارة. والسّقاية : موضع السّقى.
(٣) فى «م» : «جاءوا وأنا معهم».
(٤) فى الكواكب السيارة : «حتى إذا استخرجهم من الذّرّ عجن أرواحهم بنور قدسه».