وأعيان العلماء المحققين ، صاحب الكرامات الظاهرة ، والأحوال الفاخرة ، والأفعال الخارقة ، والأنفاس الصادقة ، والمفاخر والمعالى ، والتقدم والتّعالى. وهو أحد العلماء المتعفّفين ، والفضلاء المتعيّنين ، والأئمة البارعين ، والسادة القائمين بالسّنّة وأحكام الدّين. أفتى بمصر على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضى الله عنه ، ودرّس ، وناظر ، وأملى ، وقصد إليه طلبة العلم ، وروى عن غير واحد بمصر من العلماء.
وهو أحد أركان الطريق ، وأعلم العلماء بأحكامها وكشف مشكلاتها وأحوالها ، وفرد سادات أئمّتها ، وعظماء القادة إليها علما وعملا ، وحالا ومقالا ، وتحقيقا وتمكينا ، وزهدا ومجدا ، وجلالة ومهابة ، مع تدآب فى المجاهدة ، وتجوال فى المشاهدة ، وجبلّة (١) طبعت من الحلم والتّواضع ، ومزجت بالكرم والحياء.
وهو أحد من أظهره الله تعالى للخلق ، وأوقع له عندهم القبول التام ، والهيبة العظيمة ، وصرّفه فى الوجود ، ومكّنه فى الأموال ، وقلب له الأعيان ، وخرق له العوائد (٢) ، وأنطقه بالمغيّبات ، وأظهر (٣) على يديه العجائب ، وأجرى على لسانه ما عمّر به القلوب ، ونوّر به الأسرار ، وأحيا به الشريعة المطهرة ، وأقامه حجّة على المسلمين ، وقدوة للسالكين .. انتهت إليه مرتبة (٤) المريدين الصادقين بمصر وأعمالها (٥) ، وكشف مواردهم الخافية ، وانتفع بصحبته غير واحد من الأجلّاء ، وتلمذ له جماعة ممّن لهم قدم راسخة (٦) فى هذا الشّأن ، وقال بإرادته جمّ غفير من أصحاب الأحوال ، وانتمى إليه خلق
__________________
(١) تدآب : دوام ومثابرة من غير فتور. والتجوال : الطواف الكثير. والجبلّة : الخلقة.
(٢) العوائد : كل ما اعتاد عليه الناس.
(٣) فى «م» : «وأبهر» تصحيف.
(٤) المرتبة : المكانة والمنزلة الرفيعة.
(٥) أعمال مصر : ما تحت حكمها من القرى والأقاليم التابعة لها.
(٦) فى «م» : «ممن له قدم راسخ». والقدم مؤنثة. وتلمذ له ، أى : كان تلميذا له.