كثير من الصّلحاء ، وانعقد عليه إجماع المشايخ والعلماء بالتبجيل والاحترام ، وحكّموه فيما اختلفوا فيه ، ورجعوا إلى قوله ، وأبرزوا (١) عدالته ، واعترفوا بفضيلته.
وكان ظريفا جميلا ، مشتملا على أطيب الأخلاق ، وأكمل الآداب ، وأشرف الصّفات.
وكان له كلام على لسان أهل التحقيق ، منه : «الطريق إلى معرفة الله تعالى وصفاته الفكر ، والاعتبار بحكمه وآياته ، ولا سبيل للألباب إلى معرفة كنه ذاته ، ولو تناهت (٢) الحكم الإلهيّة فى حدّ (٣) العقول وانحصرت (٤) القدرة الرّبّانية فى درك (٥) العلوم لكان ذلك تقصيرا فى الحكمة ، ونقصا فى القدرة ، لكن احتجبت أسرار (٦) الأزل عن العقول ، كما استترت سبحات (٧) الجلال عن الأبصار ، فقد رجع معنى الوصف ، [فى الوصف](٨) ، وعمى الفهم عن الدّرك (٩) ، ودار الملك فى الملك ، وانتهى المخلوق إلى مثله ، واشتدّ الطلب (١٠) إلى شكله ، (وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً)(١١). فجميع المخلوقات ـ من الذّرّة إلى العرش ـ سبل متصلة [إلى
__________________
(١) فى «م» : «وبرزوا». وأبرزوا : أظهروا.
(٢) تناهت : بلغت النهاية.
(٣) فى «م» : «حدّة» وما أثبتناه عن طبقات الشعرانى ج ١ ص ١٥١.
(٤) فى «م» : «والحضرة» تحريف والتصويب من المصدر السابق.
(٥) الدّرك : الإدراك.
(٦) فى «م» : «الأسرار».
(٧) سبحات : أنوار.
(٨) ما بين المعقوفتين عن المصدر السابق وساقط من «م».
(٩) أى : عجز العقل عن فهم المعنى المراد.
(١٠) فى «م» : «وأسند الطب» تصحيف. وما أثبتناه عن المرجع السابق.
(١١) سورة طه ـ الآية ١٠٨.