بنى السلطان الكامل دار الحديث بالقاهرة وجعله شيخها ، وكان يرى بشىء من المحارفة (١) ، وقيل ذلك عنه للسلطان ، فأمره بتعليق شىء على الشهاب ، فعلّق كتابا تكلم فيه على الأحاديث والأسانيد ، فلما وقف عليه الكاملية ، قال له بعد أيام : لقد ضاع منى ذلك الكتاب فعلّق لى مثله ، ففعل ، وجاء به ، فرأى الكامل فى الثانى مناقضة الأول ، فعلم الكامل صحّة ما قيل عنه وفيه.
يقول شرف الدين بن عنين (٢) ، لمّا أنكر الناس عليه فى تلقّبه (٣) بذى النّسبين (٤) ، وأنّ دحية لم يعقب قال :
دحية لم يعقب فلم تفترى |
|
إليه بالبهتان والإفك (٥) |
ما صحّ عند النّاس شىء سوى |
|
أنّك من كلب بلا شكّ (٦) |
وكان شخص من أدباء النصارى يتعصب لابن دحية ويزعم أنّ نسبه صحيح ، فقال فيه تاج العلى (شاعر) :
يا أيّها العيسىّ ما ذا الّذى |
|
تروم أن تثبته فى الصّريح |
إنّ أبا الخطّاب من دحية |
|
شبه الذي تذكره فى المسيح |
ما فيه من كلّ كلب سوى أنّه |
|
ينبح طول الدّهر لا يستريح |
أخرف لا يهدى إلى رشده |
|
كالنّار شرّ أو كلام كريح |
فردّه الله إلى غربة |
|
أو هاهنا يستره فى الضّريح |
__________________
(١) المحارفة : الحرمان وضيق العيش ، والمراد بها هنا «التحريف».
(٢) هو أبو المحاسن محمد بن نصر المعروف بابن عنين. [انظر نفح الطيب ج ٤ ص ١٣٤].
(٣) فى «م» : «تقلبه» تحريف.
(٤) أى : بين دحية والحسين ، فقد كان يذكر أنه ولد دحية ، وأنه من سبط أبى بسام الحسينى.
(٥) فى نفح الطيب : «تعتزى» مكان «تفترى». والبيتان من السريع.
(٦) من كلب ، أى : من قبيلة كلب.