وقال : «ليس بمتحقق فى الحبّ من راقب أوقاته ، أو تحقّق (١) فى كتمان حبّه حتى يتهتّك (٢) فيه ويفتضح ويخلع العذار (٣) ، ولا يبالى عمّا يرد عليه من محبوبه (٤) أو بسببه ، ويتلذّذ بالبلاء (٥) فى الحب كما يتلذّذ الأغيار (٦) بأسباب النعم». ثم أنشد على إثره (٧) :
لحانى العاذلون فقلت : مهلا |
|
فإنّى لا أرى فى الحبّ عارا (٨) |
وقالوا : قد خلعت. فقلت : لسنا |
|
بأوّل خالع خلع العذارا |
وروى أنّه ألقى بين يدى السّبع ، فكان يشمّه ولا يضرّه (٩). وسبب ذلك أنّ «خمارويه» بن أحمد بن طولون كان قد اتّخذ له وزيرا نصرانيّا ، وكان قد نصح فى خدمته ، وبالغ فى جمع (١٠) الأموال وتحصيلها ، فأكرمه «خمارويه» على ذلك وزاد فى إكرامه ، وخلع عليه فى بعض الأيام خلعة جميلة ، وحمله على فرس عظيم جميل ، وأمر أرباب الدولة بتحميله والمضّى فى صحبته إلى داره ، فركب بتحميل زائد ، فلما مرّ على باب دار «بنان» ـ وكانت فى ناحية الصفا ـ سمع بنان الضوضاء ، فقال : ما هذا؟ فأخبر بالخبر ، فقام مسرعا إلى باب داره ، فلما رأى النصرانىّ قال : أعوذ بالله ، يحمل كافر بالله تعالى على رءوس المسلمين فى هذا الزّىّ والتعظيم؟! وتقدم إلى النصرانىّ وقال : انزل يا عدوّ الله وعدوّ الإسلام!.
__________________
(١) فى طبقات الصوفية : «أو تحمّل» .. وفى الكواكب السيارة : «أو بمحقق».
(٢) فى المصدر السابق : «ينهتك».
(٣) فى «ص» : «الزار» تحريف. والعذار : اللّوم.
(٤) فى المصدر السابق : «من جهة محبوبه».
(٥) فى «م» و «ص» : «بالنعما» مكان «بالبلاء» وما أثبتناه عن طبقات الصوفية ص ٢٩٤.
(٦) فى «م» : «الأغنياء» مكان «الأغيار» وما أثبتناه عن المصدر السابق.
(٧) فى «م» : «ثم أنشد وقال».
(٨) لحانى العاذلون : لامنى اللائمون.
(٩) إلى هنا ينتهى ما ورد فى «ص» عن «بنان» وما بعد ذلك إلى قوله : «سؤر السباع» عن «م».
(١٠) فى «م» : «جميع» تحريف.