وروى أنّ قاضى مصر سعى به إلى أن ضرب سبع درر (١) ، فدعا عليه ، فحبس سبع سنين.
وقال : كنت فى طريق مكة ومعى زاد (٢) ، فجاءتنى امرأة فقالت لى : يا بنان ، أنت حمّال تحمل على ظهرك الزاد وتتوهم أنه لا يرزقك؟! قال : فرميت زادى ، وأقمت ثلاثة أيام بمكة لم آكل شيئا (٣) ، فوجدت فى الطريق خلخالا ، فقلت فى نفسى : [أحمله](٤) حتى يجيء صاحبه لعلّه أن يطعمنى شيئا. فإذا أنا (٥) بتلك المرأة وهى تقول : أنت تقول : أحمله حتى يطعمنى صاحبه (٦)؟! ثم إنّها رمت لى بشىء من الدراهم وقالت : أنفقها. فاكتفيت بها (٧) إلى مصر.
وقال : بينما أنا أسير فى طريق مكة إذا بشخص قد تراءى لى ، فأمّمت نحوه (٨) ، فلما قربت منه سلّمت عليه ، وقلت له : أوصنى!. فقال : «يا بنان ، إن كان الله تعالى أعطاك من سرّ سرّه سرّا فكن مع ما أعطاك .. وإن كان الله تعالى لم يعطك من سرّ سرّه سرّا فكن مع الناس على ما هم عليه (٩) من الظاهر».
__________________
(١) فى «م» : «دروب» تحريف. والدّرر : جمع درّة ، وهى السوط يضرب به. وفى تاريخ بغداد : فدعا عليه أن يحبسه الله بكل درّة سنة ، فحبسه ابن طولون سبع سنين. [انظر تاريخ بغداد ج ٧ ص ١٠٠ ، وسير أعلام النبلاء ج ١٤ ص ٤٨٨ ، وطبقات الأولياء ص ١٢٤].
(٢) فى «م» : «وليس معى زاد». والقصة غير مكتملة فى «ص». ووردت فى شذرات الذهب ج ٢ ص ٢٧٣ ، وفيها لقّب بالحمّال لأنّه خرج إلى الحج سنة وحمل على رقبته زاده ... إلخ.
(٣) فى «م» : «ثم أتى إلىّ ثلاثة أيام لم آكل».
(٤) ما بين المعقوفتين من عندنا.
(٥) «أنا» عن «ص».
(٦) فى «ص» : «ما تحمله حتى يعطينى صاحبه شيئا؟».
(٧) فى «م» و «ص» : «أنفقهم ، فاكتفيت بهم».
(٨) هكذا فى طبقات الأولياء .. وفى «م» : «إلى نحوه» ولم ترد هذه الحكاية فى «ص». وأمّ الشيء : قصده.
(٩) فى «م» : «مع ما هم عليه».