وكان إماما بمسجد الزبير بمصر ، وكان مجاب الدعوة ، كثير البركة. تفقّه على مذهب مالك ، وسمع الحديث بمصر من أبى محمد عبد المولى بن محمد اللّخمىّ ، وبدمشق من أبى أكثم على بن الحسين بن عساكر. وحدّث وصنّف كتاب «البغية والاغتباط فيمن ولى مصر الفسطاط» (١) وصنّف كتابا فى الوعظ. ومولده فى آخر شهر رمضان سنة ٢٧٥ ه. وله كرامات عديدة.
ومن كراماته (٢) العظيمة أنّ رجلا دخل عليه فى وقت صلاة الصّبح ، وقال له : يا سيدى إنّ عمّى سجنه كاتب من كتّاب السلطان بسبب ضمانة (٣) ضمنها له ، فعسى أن تكتب له رقعة تستعطفه فيها!
فقال له : يا بنىّ ، أنا لا أعرف الكاتب ، ولكن أنا أدعو له بالخلاص.
ثم سأل الله تعالى أن يحسن خلاص الرّجل. وذهب الرجل ، ثم دخل عند صلاة المغرب ومعه رجل آخر ، فقال : يا سيدى ، هذا عمّى الذي سألتك فى أمره ، أطلقه الكاتب!
فقال له : كيف وقع (٤)؟ قال : يا سيدى ، لمّا ذهبت من عندك دعاه الكاتب إليه (٥) وقال له : أنا أعرف أنك رجل مظلوم ، وكل جهة فى مصر.» .. (٦).
فقال : ليس لى أحد سوى الله تعالى ، غير أن إنسانا من الفقهاء الصلحاء دعا لى. قال : فأطلقه ثم قال له : اسأل لى الرّجل (٧) الذي دعا لك أن يدعو لى بحسن الخاتمة.
__________________
(١) مصر الفسطاط ، أى : مصر القديمة. وفى «م» : «الفسطاس» تحريف.
(٢) فى «م» : «الكرامات».
(٣) الضّمانة : وثيقة ـ أو تعهد شفوى ـ يضمن بها الرجل صاحبه.
(٤) أى : كيف حدث ذلك؟.
(٥) فى «م» : «إلى عنده».
(٦) هكذا فى «م» ، ويبدو أن هنا كلاما سقط من الناسخ.
(٧) فى «م» : «من الرجل».