وخرج ، وخرجت معه ، إلى أن جئنا إلى سفح الجبل المقطم إلى قبر الإمام الوليّ الصالح المبتلى. فقال لى : يا أبا الحسن ، هل أحكى لك (١) حكاية من أعجب ما رأيت من كرامات هذا الرجل؟ قلت : (٢) : نعم يا مولاى.
فقال لى (٣) : «لمّا دخلت إلى مصر دخلت وليس معى ما أتقوّت به فى تلك الليلة ، فجئت إلى هذه المقبرة ، وجلست عند هذا القبر ، وقرأت شيئا من القرآن ، فأخذتنى فى أثناء القراءة سنة من النوم ، فرأيت فى منامى رجلا جميلا طلع من القبر وقال لى : ما بك يا عبد الرّحيم؟ فنظرت أمامى فرأيت السلطان صلاح الدين بن أيوب كأنّه جالس على سرير ، فلما رآنى ووقعت عينه علىّ قام لى وأجلسنى إلى جانبه وقال لى : افتح حجرك (٤) ، ففتحت حجرى فصبّ لى فيه جملة من الدّنانير ، ثم أشار لأهل دولته من الحاضرين بتقبيل يدى.
قال : ثم استيقظت وذكرت الرّؤيا ، وتعجبت غاية العجب ، فسمعت قائلا ـ أسمع صوته ولا أدرى شخصه ـ يقول : «إنك رأيت هذا فى المنام وسيكون فى اليقظة» (٥).
قال : فمضيت إلى منزلى وأنا أفكّر (٦) فى شأن الرّؤيا ، فسألنى جماعة فى طريقى أن أكتب لهم قصّة (٧) قال : فكتبت : «للمماليك الحرسيّة ، بالقلعة
__________________
(١) فى «م» : «يا أبا الحسن احكى لى» ولا يستقيم المعنى بهذا السياق. [انظر الكواكب السيارة ص ٣٠٧ و ٣٠٨].
(٢) فى «م» : «قال».
(٣) فى «م» : «قال : فقال لى».
(٤) الحجر من الإنسان : حضنه.
(٥) أى : سيتحقق فى الواقع.
(٦) فى «م» : «متفكر».
(٧) القصة كما تطلق على الحكاية النثرية الطويلة تطلق أيضا على الخبر ، والحديث ، والجملة من الكلام.