الصّلاحيّة ، يقبّلون الأرض بين المواقف العليّة الأعظميّة ، وينهون (١) أنهم باعوا لذّة نومهم بقوت يومهم (٢) ، وقد حرموا ذلك ، أنهوا ذلك» (٣).
قال : فلما وقف السلطان عليها قال : من الذي كتب لهم هذه؟ قال : رجل يقال له : عبد الرّحيم الفاضل. قال : أسمع به ، إنّه كان من رؤساء الكتبة بالديوان ، وقال : علىّ به. فما جلست فى بيتى إلّا قليلا وإذا بالباب يطرق (٤) ، فنظرت من الطّارق ، فإذا رجل من جهة السّلطان ، فقال لى : أجب السّلطان.
قال : فمضيت معه إلى حضرة السّلطان صلاح الدين ، فلما دخلت عليه رأيته على سرير كالذى رأيته فى منامى ، فلما رآنى قام وأجلسنى إلى جانبه ، وسألنى عن أحوالى ، فأخبرته بالأحوال جملة وتفصيلا ، قال : فدعا بدنانير وصبّها فى حجرى ، وفوّض إلىّ الوزارة ، وصرت الآن بما ترى من هذه الأحوال العظيمة ، كلّ هذا ببركة هذا الرّجل (٥) ـ رضى الله عنه.
وكانت وفاة صالح هذا فى سنة ٥٤٠ ه (٦).
__________________
(١) أنهى الشيء : أبلغه وأوصله.
(٢) أى : أنهم كدّوا وتعبوا وهجروا الراحة من أجل الحصول على قوتهم. وهذا الأسلوب فى الكتابة اشتهر به القاضى الفاضل.
(٣) هكذا فى «م» .. والمعنى أنهم امتنعوا وكفّوا عن فعله لعدم حصولهم على أجرهم.
(٤) فى «م» : «فما جلست فى بيتى إلّا وأنا أسمع الباب يطرق».
(٥) يعنى بالرجل الفقيه الزاهد صالح بن الحسين المبتلى.
(٦) فى الكواكب السيارة : أنه عاش طويلا حتى توفى بعد الأربعين وخمسمائة.