وقال ابن برّى : كان سبب تعلّمى للنحو بيت من الشّعر (١) :
تكاد يدى تندى إذا ما لمستها |
|
وينبت فى أطرافها الورق الخضر (٢) |
فقيل له : وكيف ذلك؟ فذكر (٣) أنه رأى فيما يراه النائم أنّه ولد له [ولد](٤) كأنّ فى يده رمحا طويلا فى رأسه قنديل ، وقد علّقه فى صخرة بيت (٥) المقدس ، فلمّا أصبح أخبر برؤياه المعبّر (٦) ، فقيل له : إنك ترزق ابنا يرفع ذكره بعلم يتعلّمه.
فلما رزقنى وبلغ خمس عشرة سنة (٧) حضر إلى دكّانه رجل يعرف بظافر الحدّاد ، ورجل يعرف بابن أبى حصينة ، وكلاهما مشهور بالأدب ، [وكان يقرأ فى قصيدة فلما وصل](٨) إلى البيت المذكور كسر الرّاء من «ورق» فضحك الرجلان عليه للحنه.
فتذكرت تفسير منامى (٩) ، لعلّ الله يرفع به ذكرى ، فقلت له : أىّ العلوم تريد أن تقرأ؟ فقال لى : أقرأ فى النحو حتى أتعلّم (١٠).
قال : فكنت أقرأ على الشيخ أبى بكر محمد بن عبد الملك بن السراج ـ رحمه الله ـ ثم أجىء فأعلّمه (١١) (انتهى).
__________________
(١) جاء هذا البيت متداخلا مع النثر وكأنه منه.
(٢) تندى : تبتل. والنّدى كناية عن الكرم والسّخاء.
(٣) فى «م» : «فقال : ذكر لى».
(٤) ما بين المعقوفتين زيادة من عندنا لم ترد فى «م».
(٥) فى «م» : «البيت».
(٦) المعبّر : الذي يفسر الرؤيا.
(٧) فى «م» : «وبلغت خمسة عشر سنة» خطأ ، والصواب ما أثبتناه.
(٨) ما بين المعقوفتين زيادة من عندنا لاستقامة المعنى. ولم يرد فى «م».
(٩) فى «م» : «فقال : يا بنىّ ، منتظر تفسير منامى».
(١٠) فى «م» : «اقرأ فى النحو حتى تعلمنى».
(١١) ذكر ابن الزيات عنه حكايات ظريفة ولم ترد هنا ، [انظر الكواكب السيارة ص ٢٢١ و ٢٢٢].