وقال آخر ـ يعنى شرف الدين :
عن قليل أصير مثوى ترابى |
|
ويقول الرّفاق هذا فلان |
صار تحت التّراب عظما رميما |
|
وجفاه الأحباب والخلّان |
وقال أيضا :
وغاية هذى الدّار لذّة ساعة |
|
ويعقبها الأحزان والهمّ والنّدم |
وهاتيك دار العزّ والأمن والتّقى |
|
ورحمة ربّ الناس والجود والكرم |
ووجدت على قبر ما صورته : ابن آدم ، أين الماضون من الأوّلين والآخرين؟! أين نوح شيخ المرسلين؟! .. أين إدريس رفيع ربّ العالمين؟! .. أين عيسى روح الله وكلمته ، رأس الزاهدين ، وإمام السائحين؟! .. أين محمد خاتم النبيين؟! .. أين أصحابه الأبرار؟! .. أين الأولياء الأخيار؟! ..
أين الأمم الماضية؟! .. أين الملوك السالفة؟! .. أين القرون الخالية؟! .. أين الذين نصبت على مفارقهم التيجان؟! .. أين الذين قهروا الأبطال والشجعان؟! .. أين الذين دانت لهم المشارق والمغارب؟! .. أين الذين تمتعوا باللّذّات والمشارب؟! .. أين الذين تاهوا على الخلائق كبرا وعتيّا؟! .. أين الذين راحوا فى الحلل بكرة وعشيّا؟! .. أين الذين اعتزّوا بالأجناد والسّلطان؟! .. أين أصحاب السطوة والأعوان؟! .. أين أصحاب الإمرة والولايات؟! .. أين الذين خفقت على رءوسهم الألوية والرّايات؟! .. أين الذين قادوا الجيوش والعساكر؟! .. أين الذين عمروا القصور والدّساكر (١)؟! .. أين الذين أعطوا النصر فى مواطن الحروب والمواقف؟! .. أين الذين أمّنوا بسطوتهم كلّ خائف؟! .. أين الذين ملئوا ما بين الخافقين (٢) فخرا وعزّا؟! .. أين الذين تضعضعت بهم
__________________
(١) الدّساكر : جمع دسكرة ، وهى لفظة معرّبة ، وتطلق على بناء كالقصر حوله بيوت للأعاجم ، فيها الشراب والملاهى ، تكون للملوك .. وتطلق أيضا على القرى العظيمة.
(٢) الخافقين : مثنى الخافق ، وهو الأفق ، والمراد هنا أفق المشرق ، وأفق المغرب ، أى : ما بين المشرق والمغرب.