وأنشد بعضهم (١) :
قف بالدّيار فهذه آثارهم |
|
تبكى الأحبّة حسرة وتشوّقا |
كم قد وقفت بها أسائل أهلها |
|
عن حالها أو راحما أو مشفقا (٢) |
فأجابنى داعى الهوى فى رسمها |
|
فارقت من تهوى فعزّ الملتقى |
وأنشد آخر :
أيّها الرّبع الذي قد دثرا |
|
كان عينا ثم أضحى خبرا (٣) |
أين سكّانك ، ما ذا فعلوا |
|
خبرا عنهم سقيت المطرا |
ولقد نادى منادى دارهم |
|
رحلوا واستودعونى عبرا (٤) |
وروى أنّ علىّ بن أبى طالب ، كرّم الله وجهه ، لمّا رجع من صفّين (٥) ودخل أوائل الكوفة ، فإذا هو بقبر ، فقال : [قبر](٦) من هذا؟ قالوا : قبر خبّاب بن الأرت (٧). فوقف عليه وقال : رحم الله خبّابا ، أسلم راغبا ،
__________________
(١) الأبيات الثلاثة وردت فى «حلية الأولياء» ج ١٠ ص ٣٤٨ فى ترجمة أبى محمد الجريرى .. وفى «تاريخ بغداد» ج ٤ ص ٤٣٣ .. وفى «طبقات الصوفية» ص ٢٦٤. وفى سراج الملوك ـ الباب الأول.
(٢) فى «م» : «مرحما» مكان «راحما». والبيت فى سراج الملوك :
كم قد وقفت بها أسائل مخبرا |
|
عن أهلها ، أو ناطقا أو مشفقا |
وفى طبقات الصوفية : «أو صادقا» مكان «أو ناطقا».
(٣) فى سراج الملوك : «ثم أضحى أثرا».
(٤) فى المصدر السابق «ولقد نادى مناديهم لنا ...».
(٥) فى «م» : «من حين» تحريف. والتصويب من «سراج الملوك».
(٦) ما بين المعقوفتين عن المصدر السابق ، وساقط من «م».
(٧) هو خبّاب بن الأرتّ بن جندلة التميمىّ ، أبو يحيى ، أو أبو عبد الله ، صحابىّ ، وهو عربىّ لحقه سباء فى الجاهلية ، فبيع بمكة ، وكان يعمل السيوف بها ، وهو من السابقين الأولين إلى الإسلام ، كان سادس ستة فى الإسلام ، وهو أول من أظهر إسلامه .. استضعفه المشركون فعذبوه ليرجع عن دينه ، فصبر ولم يعط الكفّار ما سألوا ، إلى أن كانت الهجرة ، فهاجر ، وشهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها مع رسول الله ، صلّى الله عليه وسلم .. ونزل الكوفة ، ومات بها سنة ٣٧ ه ، وهو أول من دفن بظهر الكوفة