وأشعر أن لأبى عثمان كتبا أخرى غير الأفعال إلا أنها قليلة ، ويقوم هذا الشعور على مسوغات منها :
أن كتاب الأفعال لأبى عثمان مع قيمته العلمية فى موضوعه قد أغفله كثير من أصحاب التراجم ، وأغفلوا صاحبه ، واقتصروا على ذكر «ابن القوطية» و «ابن القطاع (١)». وأن الفتنة الكبرى التى حلت بقرطبة سنة أربعمائة هجرية على يد البربر ألحقت دمارا ، كبيرا بمكتبة «قرطبة» ودورها ، وربما فقدت كتب أبى عثمان فيما فقد (٢). وأن استشهاد «أبى عثمان» فى إحدى الوقائع كان عاملا من عوامل تعرض كتبه للضياع.
وأن هذه العقلية المستوعبة لآثار الفكر المتشعبة من معرفة بالأحكام ، وإتقان للتراث الأدبى واللغوى ، ومعرفة غير يسيرة بأخبار الرجال ، وطبقات العلماء والرواة ، والمادة العلمية المتنوعة التى يفيض بها أثره الموجود الذى وصل إليها ، كلها شواهد تدل على أن ثقافة هذا الرجل لم تكن محدودة بحدود اللغة وتصريفها ، وربما كان للرجل آثار أخرى فى هذا الموضوع وفى غيره (٣) من الحقول الثقافية التى رأينا شواهد منها ، ولعل الأيام تصدق ذلك ، وتظهر آثارا أخرى من آثاره فتنصف عالما جديرا بالإنصاف ، وتزوّد المكتبة العربية بأثر آخر من آثار عالم عظيم.
__________________
(١) انظر معجم الأدباء ١٨ ـ ٢٨٢ ، وفيات الأعيان الترجمة ٦٢٢ ، نفح الطيب المقرى ٤ ـ ٧٤ شذرات الذهب ٢ ـ ٦٢
(٢) انظر الدولة الإسلامية فى الأندلس ٢ ـ ٥٠٩
(٢) انظر الدولة الإسلامية فى الأندلس ٢ ـ ٥٠٩