عليهم : نريد أن نَغْنَم كما غَنِم الناسُ ، فقال : إن رسولَ اللّه صلىاللهعليهوآله أمرني أن لا أبرَحَ من موضعي هذا ، فقالوا له : إنه أمرك بهذا وهو لا يَدْري أنّ الأمرَ يَبْلُغَ إلى ما ترى ، ومالوا إلى الغنائم وتركوه ، ولم يَبْرحَ هو من موضعه ، فحَمَل عليه خالدُ بن الوليد فقتله.
وجاء من ظَهْر رسول اللّه صلىاللهعليهوآله يرُيده ، فنظر إلى النبيّ في حَفٍّ من أصحابه ، فقال لمن معه : دُونكم هذا الذي تَطْلُبون ، فَشَانكم به ، فَحمَلوا عليه حملةَ رجل واحد ضرباً بالسيوف وطَعْناً بالرماح ورَمْياً بالنَبْل ورَضْخاً بالحجارة ، وجعل أصحاب النبي صلىاللهعليهوآله يقاتلون عنه حتى قتل منهم سبعون رجلأ ، وثبت أمير المؤمنين عليهالسلام وأبو دُجانَة الأنصاري وسَهْل بن حُنَيْف للقوم يَدْفَعون عن النبي صلىاللهعليهوآله وكَثُرعليهم المشركون ، ففَتَح رسولُ اللّه صلىاللهعليهوآله عَيْنَيْه فنظر إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ـ وقد كان اُغمي عليه ممّا ناله ـ فقال : « يا عليّ ، ما فعل الناس؟ قال : نَقَضوا العهد ووَلَّوُا الدُبُر ، فقال له : فاكفِني هؤلاء الذين قد قصدوا قصدي » فحمل عليهم أمير المؤمنين عليهالسلام فكَشَفهم ، ثمّ عاد إليه ـ وقد حملوا عليه من ناحية اُخرى ـ فكرَّ عليهم فكشَفَهم ، وأبو دُجانَة وسَهْل بن حُنيْف قائمان على رأسه ، بيد كلّ واحد منهما سيفهُ ليَذُبَّ عنه.
وثاب إليه من اصحابه المنهزمين أربعةَ عشر رجلاً منهم طَلحة بن عُبَيد اللّه وعاصم بن ثابت. وصَعِد الباقون الجبَل ، وصاح صائحٌ بالمدينة : قُتِل رسولُ اللّه ، فانخلعت القلوبُ لذلك ، وتحيّر المنهزمون فأخذوا يميناً وشِمالاً.