مسرعا إلى القطار (١).
فإن كان معناه الفهم وإبداء الرأى فى أمر عقلىّ فقد ينصب مفعولا به واحدا ، أو مفعولين ، على حسب مقتضيات المعنى ؛ مثل : يختلف الأطباء فى أمر القهوة ؛ فواحد يراها ضارّة ، وآخر يراها مفيدة إذا خلت من الإفراط. أو : واحد يرى ضررها ، وآخر يرى إفادتها.
وكذلك ينصب مفعولا به واحدا إن كان معناه : أبصر بعينه ؛ مثل : رأيت النجم وهو يتلألأ. وقول الشاعر :
إنّ العرانين تلقاها محسّدة |
|
ولن ترى للئام الناس حسّادا |
أو : كان معناه أصاب : الرئة ؛ مثل انطلق السهم فرأى الغزال ؛ أى : أصاب رئته.
وقد أشرنا قريبا (٢) إلى أن الأساليب العالية يتردد فيها الماضى : «رأى» ـ دون المضارع ، والأمر ، والمشتقات الأخرى ـ مسبوقا بأداة استفهام. ومعناه : «أخبرنى» ؛ نحو : أرأيتك هذا القمر ، أمسكون هو؟ وينصب مفعولا به ، أو مفعولين ، على حسب المراد. وأوضحنا الأمر بإسهاب فيما سبق (٣).
كذلك يتردد فى تلك الأساليب وقوع المضارع : «أرى» مبنيّا للمجهول
__________________
(١) وفى هذا يقول ابن مالك :
ولرأى الرّؤيا انم ما لعلما |
|
طالب مفعولين من قبل انتمى |
(انم : انسب. انتمى : انتسب. والتقدير : انم للفعل : «رأى» الذى مصدره «الرؤيا» ما انتمى من قبل للفعل : «علم» طالب المفعولين لينصبهما. و «الرؤيا» هى المصدر الغالب لرأى الحلمية) أى : انسب للفعل : «رأى» الذى مصدره : «الرؤيا» المنامية ـ ما انتسب وثبت من قبل للفعل : «علم» الذى يطلب مفعولين ، ويتعدى إليهما بنفسه (لكن سنعرف فى ج من ص ٤١ أن «رأى» الحلمية لا يدخلها تعليق ولا إلغاء ، بخلاف : «علم»).
(٢) فى رقم ٥ من هامش ص ٥.
(٣) هذا الأسلوب يتطلب بيانا شافيا ، جليا ، يتعرض لنواحيه المختلفة ، كصياغته ، وتركيبه ، وإعرابه ، ومعناه .. وقد وفيناه حقه فى موضعه من الجزء الأول ، ص ٢١٥ م ١٩ ـ من الطبعة الثالثة ـ عند الكلام على الضمير وأنواعه ...