ـ غالبا ـ على حسب السماع ، وناصبا للمفعولين (١) ؛ لأن معناه : «أظنّ» الدال على الرجحان ؛ نحو : كنت أرى الرحلة متعبة ، فإذا هى سارّة.
__________________
(١) إذا كان المضارع «أرى» بمعنى : «أظن» ، ويعمل عمله ـ فكيف ينصب مفعولين مع رفعه نائب فاعل ، هو فى الأصل مفعول أيضا؟ أليس معنى هذا أنه ينصب من المفاعيل ثلاثة ، مع أن الفعل : «أظن» ينصب اثنين فقط؟
يجيب النحاة بإجابتين ؛ كل واحدة منهما وافية فى تقديرهم. وفى الأولى من التعارض والتكلف ما سنعرفه.
الأولى : أن هذا المضارع : «أرى» المبنى للمجهول ـ غالبا ، طبقا للسماع ـ قد يكون ماضيه هو «أرى» مفتوح الهمزة ، الناصب لثلاثة من المفاعيل ، والذى معناه : «أعلم» الدال على اليقين ـ وسيجىء الكلام عليه فى الباب التالى ص ٥٥ ـ ؛ مثل : أرى العالم الناس السفر للكواكب سهلا ؛ أى : أعلمهم السفر سهلا ... ومقتضى هذا أن يكون مضارعه ناصبا ثلاثة أيضا ، وليس ناصبا اثنين فقط. لكن السبب فى نصبه اثنين أنه ترك معنى ماضيه ، وانتقل إلى معنى آخر جديد ؛ إذ صار بمعنى : الفعل المضارع : «أظنّ» لا بمعنى الفعل المضارع : أعلم ويعلم وغيرهما مما فعله الماضى : «أعلم» الدال على اليقين. فلما ترك معناه الأصلى إلى معنى فعل آخر ، كان من الضرورى أن يترك عمله الأصلى ليعمل العمل المناسب للمعنى الجديد ؛ فينصب مفعولين لا ثلاثة. وعلى هذا يتعين أن يكون ضمير المتكلم فى المضارع المبنى للمجهول فاعلا. ، ولا يصح أن يكون نائب فاعل ؛ لأن اعتباره نائب فاعل يؤدى إلى اعتباره مفعولا به فى الأصل قبل أن ينوب عن الفاعل ؛ فينتهى الأمر إلى أن ذلك المضارع قد نصب من المفاعيل ثلاثة. وهذا مرفوض عندهم حتما. فالسبب فى تعدية المضارع المبنى للمجهول ـ سماعا ـ إلى مفعولين مع أن ماضيه : «أرى» الدال على العلم واليقين ، ينصب ثلاثة ـ هو استعماله بمعنى الفعل : «أظن» المتعدى لاثنين ، من باب الاستعمال فى اللازم ؛ لأن معنى : «أرى العالم الناس السفر سهلا» هو : «جعل العالم الناس ظانين السفر سهلا» وصحة هذا المعنى تستلزم صحة قولنا : ظن الناس السفر للكواكب سهلا. أما إن كان الفعل «أرى» مفتوح الهمزة (أى : غير مبنى للمجهول ، وهذا جائز) ومعناه : «أظن» فينصب مفعولين بغير حاجة لتأويل ، واضح التكلف والالتواء ، كالذى سبق.
الثانية : أن الفعل : «أرى» المضارع المبنى للمجهول سماعا ، ينصب ثلاثة من المفاعيل برغم أنه بمعنى : الظن ، وأن ماضيه بمعنى : «أظننت» وأول المفاعيل الثلاثة هو الذى صار نائب فاعل ، ويليه المفعولان المنصوبان. ويقولون : إن الفعل «أرى» المبنى للمجهول هو المضارع للفعل الماضى : «أريت» المبنى للمجهول أيضا ، بمعنى : «أظننت» كما سبق ، وإن العرب لم تنطق بالماضى «أريت» إلا مبنيا للمجهول ، ولم يعرف عنهم بناؤه للفاعل. كما لم يعرف عنهم أنهم قالوا : «أظننت» ببناء الماضى «أظننت» للمجهول مع أنه بمعنى الماضى «أريت». وفى هذه الاجابة بعض اليسر ومسايرة القواعد العامة ، وإن كانت ـ كالأولى ـ لا تخلو من تكلف ، والتواء. وخير منها أن نقول : (إذا كان ـ