يفصل بين الناسخ ومفعوليه معا ، أو أحدهما (١) ، وبعد «المانع» جملة (٢) تسدّ مسدّ المفعولين معا ، أو أحدهما على حسب التركيب ...
ولما كان أثر التعليق مقصورا على ظاهر الألفاظ دون محلها كان اختفاء النصب عن المفعولين معا أو أحدهما ، هو اختفاء شكلىّ محض ؛ لا حقيقى محلىّ ـ كما قدمنا ـ ولهذا يصح فى التوابع (كالعطف ...) مراعاة الناحية الشكلية الظاهرة ، أو مراعاة الناحية المحلية ؛ فنقول : علمت للبلاغة إيجاز والفصاحة اختصار ـ ورأيت للإطالة عجز والحشو عيب ؛ برفع المعطوف ؛ تبعا للفظ المعطوف عليه ، وحركته الظاهرة. أو نقول : علمت للبلاغة إيجاز ، والفصاحة اختصارا ـ ورأيت للإطالة عجز والحشو عيبا ؛ بنصب المعطوف ؛ تبعا للحكم المحلىّ فى المعطوف عليه. فمراعاة إحدى الناحيتين جائزة (٣).
أما سبب التعليق فى هذه الأمثلة وأشباهها ، فيتركز فى الأمر الواحد الذى ذكرناه ؛ وهو : وجود فاصل لفظىّ بعد الناسخ ؛ يفصل بينه وبين مفعوليه أو أحدهما ، بشرط أن يكون هذا الفاصل اللفظى من الألفاظ التى لها الصدارة (٤) فى جملتها ،
__________________
(١) فلا بد من تقدم الناسخ على «المانع» ، ولا بد من تقدم «المانع» على المفعولين معا ، أو على الثانى فقط ؛ إذ ليس من اللازم ـ كما عرفنا ـ أن يقع أثر التعليق. على المفعولين معا ، فقد يقع على الثانى وحده ، ويبقى الأول منصوبا كما كان قبل التعليق. أما وقوعه على الأول دون الثانى فغير ممكن ؛ لأن أداة التعليق التى تفصل بين الناسخ ومفعوله الأول ستكون فاصلة كذلك بين الناسخ ومفعوله الثانى فى الوقت نفسه.
(٢) إلا فى الحالة التى سبق استثناؤها فى رقم ٤ من هامش ص ٢٦.
(٣) يجب عند العطف بالنصب على محل الجملة التى علق عنها الناسخ ـ أن يكون المعطوف إما جملة اسمية فى الأصل ؛ كالأمثلة السابقة ؛ فيعطف كل جزء من جزأيها على ما يقابله ، فى الجملة المتبوعة وإما مفردا فيه معنى الجملة ؛ نحو : علمت لمحمود «أديب» و «غير» ذلك من أموره. فلا يصح : علمت لمحمود «أديب» وحامدا ، ولا : علمت لمحمود «أديب» وشاعرا ـ إلا على تأول وتقدير محذوف فى كل صورة ، أما كلمة «غير» فى المثال السالف فإنها منصوبة جوازا ؛ لأنها بمنزلة الجملة كما قلنا. فهى معطوفة بالنصب على محل الجملة الاسمية التى هى المعطوف عليها ؛ فلفظ «غير» ـ وهو مفرد ـ قد ساغ عطفه على محل الجملة ؛ لأنه بمعناها ؛ إذ معناه : علمت لمحمود «أديب» ومحمودا غير ذلك ، أى : متصفا بغير ذلك. (أى : علمت محمودا متصفا بغير ذلك). ـ راجع ح ٣ ص ٤٧٨ م ١٢١ باب العطف. وعطف المفرد على الجملة ، والعكس ـ.
(٤) تقدم الناسخ على «المانع» واجب. وهو مع تقدمه لا يعمل النصب فى «المانع» ، ولا فيما بعده ، إذ لو عمل فيه أو فيما بعده النصب لفقد المانع صدارته فى جملته ، وصار حشوا لا يصلح سببا للتعليق ؛ ووقوعه حشوا مع بقاء أثره غير جائز.