فالفعل الماضى المتصرف (١) هنا ، لا ينفرد وحده بالعمل السالف ؛ وإنما يشابهه فيه ما قد يكون له من مضارع ، وأمر ، ومصدر ، واسم فاعل. واسم مفعول ، دون بقية المشتقات (٢) الأخرى. أما غير المتصرّف فعمله مقصور على صيغته الخاصة ؛ إذ ليس لها فروع ، ولا صيغ أخرى تتصل بها.
وقد ارتضى بعض النحاة تقسيم الأفعال العاملة هنا قسمين ؛ مراعيا الأغلب فى استعمالها (٣) ؛ هما : «أفعال قلوب» (٤) ، و «أفعال تحويل» (٥). ولا بد لكل فعل فى القسمين من فاعل (٦) ؛ ولا يغنى عنه وجود المفعولين أو أحدهما :
__________________
(١) الفعل الماضى المتصرف إما أن يكون تصرفه كاملا ؛ ـ فيكون له المضارع ، والأمر ، والمصدر ، واسم الفاعل ... وبقية المشتقات المعروفة ، كالفعل : «سمع» ـ وإما أن يكون تصرفه ناقصا ؛ فيكون له بعض تلك الأشياء فقط ؛ كالفعل : «كاد» ، من أفعال المقاربة. وكالفعل : «يدع». أما غير المتصرف مطلقا فهو الجامد الذى يلازم صيغة واحدة لا يفارقها ؛ كالفعل : «تعلّم» بمعنى. «اعلم» ، والفعل : «هب» ، بمعنى : ظنّ. وهما من أفعال هذا الباب القلبية ، وكالفعل «عسى» و «ليس» وهما من أخوات «كان».
(٢) رددنا فى مناسبات مختلفة ، أسماء المشتقات الاصطلاحية من المصدر ؛ وهى : اسم الفاعل ، اسم المفعول ، الصفة المشبهة ، أفعل التفضيل ، المصدر الميمى ، اسم الزمان ، اسم المكان ، اسم الآلة. (ويدخل فى عداد المشتقات الأفعال بأنواعها الثلاثة). وهذه المشتقات قسمان :
قسم يعمل عمل فعله بشروط ؛ فيرفع الفاعل مثله ، أو نائب الفاعل ، وقد ينصب المفعول به ، كفعله أحيانا ، وهو : اسم الفاعل ، اسم المفعول ، الصفة المشبهة ، أفعل التفضيل ، المصدر الميمى. ويدخل فى هذا القسم : المصدر الأصلى أيضا (بالرغم من جموده ، فى الرأى الشائع) .. وقسم لا يعمل شيئا من عمل الفعل ؛ ويسمى : «المهمل». وهو اسم الزمان ، واسم المكان ، واسم الآلة. ولا دخل لهذا القسم المهمل بأحكام هذا الباب. بل إن بعض المشتقات العاملة لا دخل لها به ؛ فالصفة المشبهة الأصيلة خارجة من أحكامه ؛ لأنها تجىء من الفعل اللازم وحده ؛ فلا تنصب مفعولا به. أما غير الأصيلة فقد تنصب بالشروط والطريقة المذكورة فى بابها (ج ٣ ص ٢١١ م ١٠٤) وأفعل التفضيل خارج ؛ لأنه لا ينصب مفعولا به. والفعل الماضى الذى للتعجب خارج ؛ لأنه ينصب مفعولا واحدا. فالثلاثة لا تصلح لأحكام هذا الباب ، ـ كما سيجىء فى ص ٢٥ م ٦١ ـ.
(٣) راجع «ج» من ص ١٢ حيث تقسيم آخر ، وبيان عن سبب التقسيمين.
(٤) سميت بذلك لأن معانيها قائمة بالقلب ، متصلة به ، وهى المعانى النفسية التى تعرف اليوم : بالأمور النفسية ؛ ويسميها القدماء : الأمور القلبية ؛ لاعتقادهم أن مركزها القلب. ومنها : الفرح ـ الحزن ـ الفهم ـ الذكاء ـ اليقين ـ الإنكار ...
(٥) تدل على انتقال الشىء من حالة إلى حالة أخرى تخالفها. وتسمّى أيضا : «أفعال التصيير» ؛ لأن كل فعل منها بمعنى : «صيّر» ، أى : حوّل الشىء من حالته القائمة إلى أخرى تغايرها.
(٦) بخلاف «كان» وأخواتها من الأفعال الناسخة ؛ فإنها لا ترفع الفاعل ـ كما سبق ـ وهذا أحد وجوه الاختلاف بين النوعين.