لم يتحقق له المفعولان المنصوبان لم يكن معناه «الظن» وإنما يكون معناه : «التلفظ المحض ، ومجرد النطق» ، وفى هذه الصورة يكون من النوع الأول «ا» الذى ينصب مفعولا به واحدا ، ولا ينصب مفعولين ؛ فمدلوله إن كان كلمة مفردة وقع عليها القول وجب اعتبارها مفعوله المنصوب مباشرة ؛ مثل : أتقول : الجوّ؟ ؛ أى : أتنطق بكلمة : «الجوّ» وإن كان مدلوله جملة اسمية أو فعلية فهى فى محل نصب تسدّ مسدّ ذلك المفعول به الواحد ، مثل : أتقول : الحروب خادمة للعلوم؟ ـ أتقول : السّلم الطويلة داء؟ ـ. ومثل : أتقول : قد يجمع الله الشتيتين بعد اليأس من التلاقى؟ ـ أتقول : لا يضيع العرف (١) بين الله والناس؟ فمعنى «تقول» : تنطق ، ومعنى «القول» فى كل ما تقدم هو «النطق» لا الظن ، والجملة بعده فى الأمثلة المذكورة : «مقول القول» ولا تسمى محكية بالقول إلا إذا سبق النطق بها قبل هذه المرة ـ كما أوضحنا ـ.
وملخص ما تقدم : أن القول المستوفى للشروط إذا وقع له مفعولان منصوبان به كان بمعنى : «الظن» حتما ، وتجرى عليه أحكام «الظن» ولا وجود للحكاية هنا أو غيرها. ـ على الأرجح. ـ وإذا وقع له كلمة واحدة (هى التى قيلت) كان معناه : «مجرد النطق» ، ونصبها مفعولا به واحدا ، ولا تسمى هذه الكلمة محكية (٢) ، مع أنها هى مفعوله المباشر. وكذلك إذا وقع له جملة اسمية أو فعلية كان معناه مجرد النطق أيضا ، ولكنه ينصب مفعولا به واحدا نصبا غير مباشر ؛ لأن الجملة التى بعده تكون فى محل نصب ؛ فتسدّ مسدّ المفعول به ؛ وتسمى : «مقول القول» دائما ، ولا تسمى «محكية بالقول» إلا إذا سبق النطق بها.
فالقول بمعنى «الظن» لا حكاية معه ـ كما عرفنا ـ إذا وقع له مفعولاه المنصوبان. فإذا تغير ضبطهما وصارا مرفوعين أصالة (٣) فإن معناه وعمله يتغيران تبعا لذلك ؛ إذ يصير معناه : النطق المجرد ، ويقتصر عمله على نصب مفعول واحد فتكون الجملة الجديدة اسمية فى محل نصب ، تسدّ مسدّ مفعوله.
* * *
__________________
(١) المعروف والخير.
(٢) إلا فى الصورة التى تقدمت فى رقم ٣ من هامش ص ٤٦.
(٣) أى : بغير سبب إلغاء العامل.