زيادة وتفصيل :
(ا) تضطرب أقوال النحاة فى اللفظ المحكىّ بالقول ؛ أيكون مفردا وجملة ، أم يقتصر على الجملة فقط؟ أيكون ترديدا ومحاكاة لنطق سابق به ، أم يكون ابتداء كما يكون ترديدا ومحاكاة؟ أيكون حكاية للقول بمعنى النطق والتلفظ فقط ، أم يكون حكاية له بهذا المعنى ، وبمعنى الظن أيضا ...؟ إلى غير ذلك من صنوف التفريع ؛ والخلف ، والاضطراب الذى يخفى الحقيقة ، ويغشّى على وضوحها ، ويكدّ الذهن فى استخلاصها. وقد تخيرنا أصفى الآراء فيها ، وقدمناه فيما سبق. وللحكاية تفصيلات وأحكام أخرى فى بابها الخاص ، وأشرنا فى الجزء الأول (١) إلى بعض أحكامها.
(ب) الأصل (٢) فى الجملة المحكية بالقول أن يذكر لفظها نصّا كما سمع ، وكما جرى على لسان الناطق بها أول مرة. لكن يجوز أن تحكى بمعناها ، لا بألفاظها (٣) ، فإذا نطق الناطق الأول ، وقال حكمة ؛ هى : «الأمم الأخلاق» جاز لمن يحكيها بعده أن يرددها بنصها الحرفى ، وبضبطها وترتيبها ، فيرددها بالعبارة التالية : قال الحكيم : «الأمم الأخلاق». وجاز أن يرددها بمعناها مع مراعاة الدقة فى المعنى ؛ كما يأتى : قال الحكيم : «الأمم ليست شيئا إلا الأخلاق». أو : «الأمم بأخلاقها». أو : «ما الأمم إلا أخلاقها» ... وعلى هذا لو سمعنا شخصا يقول : «البرد قارس» ، لجاز فى الحكاية أن نذكر النصّ بحروفه وضبطه وترتيبه : قال فلان : «البرد قارس» ، أو بمعناه : قال فلان : «البرد شديد» ... وإذا قالت فاطمة «أنا كاتبة» ـ مثلا ـ وقلت : لزينب «أنت شاعرة» ؛ فلك فى الحكاية أن تذكر النصّ : (قالت فاطمة «أنا كاتبة» ، وقلت لزينب «أنت شاعرة») ، مراعاة لنصّ اللفظ المحكىّ فيهما ، ولك أن تذكر المعنى : (قالت فاطمة «هى كاتبة» ، وقلت لزينب «هى شاعرة» ، أو : «إنها شاعرة») مراعاة لذلك المعنى ، فى حالة الحكاية ؛ حيث تكون فيها فاطمة وزينب غائبتين
__________________
(١) م ٢ ص ٢٩.
(٢) ومراعاته أحسن.
(٣) إن لم يكن هناك ما يقتضى التمسك بالنص الحرفى لداع دينى ، أو علمى ، أو قضائى ، أو نحو ذلك ..