(وَاعْبُدُوا اللهَ ـ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً)(١) ـ (شاع أن البغى وخيم العاقبة) ـ (اشتهر أن تنتقل العدوى من المريض للسليم).
ومثال ما يشبه الفعل : أواقف على الشجرة عصفورة ـ ما فرح أعداؤنا بوحدتنا وقوتنا. فكلمة : «عصفورة» فاعل للوصف ؛ (وهو : واقف ، اسم الفاعل) وكلمة : «أعداؤنا» فاعل للوصف : (فرح ـ الصفة المشبهة).
ومن أمثلة الفاعل الذى قام به الفعل أيضا : اتسعت ميادين العمل فى بلادنا ، وتنوعت أسبابه ؛ فلن يضيق الرزق بطالبيه ما داموا جادّين.
__________________
ـ وقع عليه الفعل ؛ لأن المعنى اللغوى للعبارتين واحد. بحيث لو وضعت إحدهما مكان الأخرى ما تغير المعنى اللغوى ..
إن الفرق اللفظى بين الفاعل والمفعول به معروف للنحاة ؛ فالفاعل مرفوع ، والمفعول به منصوب ، وهذا الفرق اللفظى يستتبع عندهم فرنا اصطلاحيا فى معنى كل جملة ، يوضحه ما يأتى :
«تحرك الشجر». كلمة : «الشجر» تعرب فاعلا نحويا. لكن هذا الإعراب لا يوافق المعنى اللغوى الواقعى لكلمة : «فاعل». وهو : «من أوجد الفعل حقيقة ، وباشر بنفسه إبرازه فى الوجود» ؛ لأن الشجر لم يفعل شيئا ؛ إذ لا دخل له فى إيجاد هذا التحرك ، ولا فى خلقه ، وجعله حقيقة واقعة بعد أن لم تكن. فليس للشجر عمل إيجابى ـ مطلقا ـ فى إحداث التحرك. وكل علاقته به أنه استجاب له ، وتفاعل معه ؛ فقامت الحركة به ، وخالطته ، ولابسته ، من غير أن يكون له اختيار أو دخل فى إيجادها ، كما سبق. فأين الفاعل الحقيقى الذى أوجد التحرك من العدم ، وكان السبب الحقيقى فى إبرازه للوجود؟ ليس فى الجملة ما يدل عليه ، أو على شىء ينوب عنه. فإذا قلنا : حرك الهواء الشجر ـ تغير الأمر ؛ فظهر الفاعل الحقيقى المنشئ للتحرك ، وبان الموجد له ، الذى أوقع أثره على المفعول به.
مثال آخر : تمزقت الورقة. تعرب كلمة : «الورقة» فاعلا نحويا. وهذا الإعراب لا يوافق ولا يساير المعنى اللغوى لكلمة ؛ «فاعل» ، ولا يوافق الأمر الواقع ؛ لأن الورقة فى الحقيقة لم تفعل شيئا ؛ فلم تمزق نفسها ، ولا دخل لها فى تمزقها ، ولم تشترك فيه بعمل إيجابى يحدثه ؛ ولكنها تأثرت به حين أصابها. فأين الفاعل الحقيقى ـ لا النحوى ـ الذى أوجد التمزق ، وجعله حقيقة قائمة بالورقة؟ لا وجود له فى الجملة ، ولا دليل فيها يدل عليه أو على شىء ينوب عنه. لكن إذا قلنا : مزق الطفل الورقة ـ ظهر الفاعل الحقيقى ، واتضح من أوجد الفعل بمعناه اللغوى الدقيق.
ومما سبق يتبين الفرق المعنوى بينهما ، وأنه ينحصر فى :
ا ـ أن الفاعل النحوى ـ على الوجه السالف ـ ليس هو الفاعل الحقيقى ، وإنما هو المتأثر بالفعل ، وليس فى الجملة ما يدل على ذلك الفاعل الحقيقى ، أو على شىء ينوب عنه.
ب ـ وأن المفعول به ليس فاعلا نحويا ولا حقيقيا. وإنما هو المتأثر بالفعل ، أيضا ، ولكن مع اشتمال جملته على الفاعل الحقيقى ، أو ما ينوب عنه.
(١) المراد بالاسم الصريح هنا : ما يشمل الضمير ؛ كما فى الآية.