__________________
ـ فعوملت معاملتها ، ووصف بها المعرفة. ومن هنا اجترأ بعضهم فأدخل عليها الألف واللام ، لأنها لما شابهت المعرفة بإضافتها إلى المعرفة جاز أن يدخلها ما يعاقب الإضافة وهو الألف واللام. ولك أن تمنع الاستدلال وتقول : الإضافة هنا ليست للتعريف ، بل للتخصيص. والألف واللام لا تفيد تخصيصا فلا تعاقب إضافة للتخصيص ولا تدخله الألف واللام ...). اه.
وجاء فى الصبان ـ عند الكلام على ما يسميه بعض النحاة : «الإضافة شبه المحضة» ، وما كان منها شديد الإبهام لا يقبل التعريف ، كغير ، ومثل ، وشبه ... ـ ما نصه وقد نقله عن غيره : «ينبغى أن هذه الكلمات كما لا تتعرف بالإضافة إلا فيما استثنى لا تتعرف «بأل» أيضا ؛ لأن المانع من تعريفها بالإضافة مانع من تعريفها «بأل». ونقل الشنوانى عن السيد أنه صرح فى حواشى الكشاف بأن «غير» لا تدخل عليها «أل» إلا فى كلام المولدين)» اه. وسيجىء الكلام عليها بمناسبة أخرى فى ص ١٣١.
وكذلك الشأن فى كلمة : «مثل» إذا أضيفت لمعرفة بغير وجود قرينة تشعر بمماثلة خاصة ؛ فإن قولنا : «مثل محمد» يشمل أفرادا لا عداد لها ؛ منها واحد فى طوله ، وآخر فى عمله ، وثالث فى علمه ، ورابع فى حسنه ، و ... و ... وهكذا مما لا آخر له». فالإضافة للمعرفة لا تعرفها ، ولا تزيل إبهامها ؛ ولهذا وقعت نعتا للنكرة فى قوله تعالى : (جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها ؛ فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ ؛ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ...) أما إن أضيفت إلى معرفة ، وقارنها ما يشعر بمماثلة خاصة فإنها تتعرف ، نحو : راقنى هذا الخط ، وسأكتب مثله. وهذا معنى قولهم : إذا أريد بكلمة «غير» و «مثل» مغايرة خاصة ، ومماثلة خاصة ـ حكم بتعريفهما ، وأكثر ما يكون ذلك فى كلمة : «غير» إذا وقعت بين متضادين. وأما قوله تعالى : (... صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) حيث وقعت كلمة. «غير المتوسطة بين المتضادين» المضافة للمعرفة صفة لنكرة ـ فتعرب هنا بدلا ، وإن كانت جامدة ، ولا داعى لإعرابها صفة (راجع العكبرى ، فى أول الفاتحة ، ثم الأشمونى والصبان ، أول باب الإضافة ، عند الكلام على الإضافة غير المحضة).
«ملاحظة» : تصدى لبحث هذه المسألة مؤتمر المجمع اللغوى المنعقد بالقاهرة فى دورته الخامسة والثلاثين (شهر فبراير سنة ١٩٦٩) وارتضى الرأى القائل : إن كلمة «غير» الواقعة بين متضادين تكتسب التعريف من المضاف إليه المعرفة : ويصح فى هذه الصورة التى تقع فيها بين متضادين وليست مضافة أن تقترن بأل فتستفيد التعريف. وفيما يلى النص الحرفى لقرار المجمع منقولا من مجلته (الجزء الخامس والعشرين الصادر فى نوفمبر سنة ١٩٦٩ ص ٢٠٢) بناء على اقتراح لجنة الأصول بالمجلس التى تقول : «(تختار اللجنة ـ وفاقا لجماعة من العلماء ـ أن كلمة : «غير» إذا وقعت بين ضدين لا قسيم لهما ، تتعرف بإضافتها إلى الثانى منهما إذا كان معرفة. وإذا كانت «أل» تقع فى الكلام معاقبة للإضافة فإنه يجوز دخول «أل» على «غير» فتفيدها التعريف فى مثل الحالة التى تعرفت فيها بالإضافة إذا قامت قرينة على التعيين ...»). اه.
واللفظ المتوغل فى الإبهام لا يصلح ـ فى أكثر حالاته ـ لأن يكون نعتا ، أو منعوتا ، ومنه : «قبل» و «بعد» ، ما عدا بعض ألفاظ منها «غير» و «سوى» فيصلحان للنعت ـ كما سيجىء فى باب : النعت ، ص ٤٦٦.
بقى أن نذكر ما قرره النحاة بشأن الألفاظ المبهمة التى لم تستفد التعريف من المضاف إليه المعرفة. فسيبويه والمبرد يقولان إن الإضافة فى هذه الحالة غير محضة ، فائدتها التخفيف ، وما يتصل به مما عرفناه ، وما يجىء مفصلا فى ص ٣٠. وغيرهما يقول : إنها محضة ومعنوية تفيد التخصيص ، وإن كانت لا تفيد التعيين. ـ