ما كانوا تعاهدوا عليه أولا ، بأن لا يؤذوا المسلمين وأن يعودوا إلى قراهم ويبعثوا بكبرائهم إلى الخليفة ولا يحملوا معهم سلاحا. فتعهدوا بهذه الشروط ، وخرجوا وعبروا الخندق وحملوا معهم السلاح خفية. وأودع جبرائيل كبيرهم حكيم لدى ابنه العباس قائلا ؛ أنزله فى السرادق واقتله خفية.
وامتثلوا أمره فحملوه إلى السرادق ، وكانوا واقفين من بعيد ، وذهب جبرائيل إلى السرادق ، فأرسل المبيضة «خشوى» الذى كان صديق «حكيم» وقال لجبرائيل : نحن لا نذهب بدون «حكيم». وكان «خشوى» يلبس خفين جديدين ، وبينما كان يقول هذا الكلام ، جاء العباس بن جبرائيل وقال قتلت حكيما. فأمر جبرائيل بإنزال «خشوى» عن الحصان وقتلوه فى الحال. فصاح المبيضة وأخرجوا السلاح ودارت الحرب. وأمر جبرائيل بركوب العسكر جميعا واشتبكوا فى الحرب وخاضوا معارك عنيفة أشد مما جرت ، حتى هزموا مرة أخرى وقتل منهم (أى المبيضة) خلق كثير وفر من بقى. وكانت سيدة قرية نرشخ امرأة اسم زوجها شرف ، وكان قائد أبى مسلم ، وقد قتله أبو مسلم رحمه الله فأتوا بتلك المرأة إلى جبرائيل وكان معها ابن عم أعمى دنس وشرير للغاية ، فقال جبرائيل لتلك المرأة : أحلى أبا مسلم. فقالت : يعنون (١) بأبى مسلم أبا المسلمين وهو ليس أبا المسلمين إذ أنه قتل زوجى. فأمر جبرائيل بأن يشطروا هذه المرأة نصفين من وسطها ، وقتلوا ابن عمها أيضا. وذهب «كردك» إلى المقنع وقتل «باغى» الذى كان منهم ، فى الحرب أيضا. وحمل جبرائيل رءوسهم إلى السغد ليكسر قلوب المبيضة فيها. وكان قد ولّى على أهل السغد أمير من نقباء المقنع اسمه سغديان فحالفه أهل السغد ، ووقعت لجبرائيل حروب كثيرة مع أهل السغد. وأخيرا قتل رجل من أهل بخارى سغديان هذا ، وتفرق هؤلاء القوم. وذهب جبرائيل من هنالك إلى سمرقند ووقعت له مع الأتراك والمبيضة حروب كثيرة ، وسار مع أمير خراسان معاذ بن مسلم حيث جاء إلى مرو سنة مائة وإحدى وستين (٧٧٧ م) وتجهز من هنالك وانحدر إلى صحارى آموى
__________________
(١) الترجمة الحرفية : يقولون.