إنى أعطيكم عشرين ألف درهم وأخشابا وأهدمه ، وبعض العمارة قائم فاجعلوا أنتم هذا القصر مسجدا جامعا ، فلم يقبل أهالى تلك القرية وقالوا : لا يستقيم بناء مسجد جامع فى قريتنا ولا يجوز ، وكان هذا القصر قائما حتى عصر الأمير أحمد بن نوح ابن نصر السامانى. فأتى بأخشاب هذا القصر إلى المدينة واشتغل بتعمير بيته الذى كان على باب سور بخارى. ولهذه القرية سوق كل خمسة عشر يوما وحين يكون السوق آخر العام يجعلونه عشرين يوما ، وفى اليوم الحادى رالعشرين يحتفلون ب «النوروز» (١) ويسمونه نوروز الفلاحين ولذلك يحافظ فلاحو بخارى على حسبانه ويعتمدون عليه ، ويقع نوروز المجوس بعده بخمسة أيام.
واعتبرت «بيكند» (٢) من جملة المدن ولم يرض أهل بيكند بأن يسمى أحد بيكند قرية ، وإذا ذهب أحد أهل بيكند إلى بغداد وسئل من أين أنت؟ قال من بيكند. ولا يقول بخارى. وهى ذات مسجد جامع كبير وأبنية عالية. وكان على بابها أربطة كثيرة حتى سنة أربعين ومائتين (٨٥٤ م). وقد روى محمد ابن جعفر فى كتابه أنه كان لبيكند أكثر من ألف رباط بتعداد قرى بخارى ، وكان سبب ذلك أن بيكند مكان عظيم جميل ، وقد بنى أهل كل قرية هناك رباطا وأقاموا به جماعة وبعثوا بنفقاتهم من القرية.
وفى فصل الشتاء وهو وقت غلبة الكفار ، كان يتجمع هنالك من كل قرية جمع غفير للغزو ، وينزل كل قوم برباطهم ، وكان أهل بيكند جميعا تجارا يتجرون مع الصين ويركبون البحر وكانوا أغنياء جدّا وقد لقى قتيبة بن مسلم عنتا
__________________
(١) نوروز ـ كلمة فارسية معناها اليوم الجديد وتطلق على أكبر أعياد الفرس وهو عيد الربيع ويبدأ مع بداية السنة الفارسية الشمسية وأولها شهر «فروردين» وقد سن سنة هذا العيد الملك الأسطورى جمشيد الذى يشبه فى الأساطير الفارسية من وجوه كثيرة سليمان عليه السلام من حيث بسطة الملك وسلطانه على الإنس والجن والثراء العريض. وتقول الأسطورة إن هذا الملك فسق فى أخريات أيامه عن أمر ربه وادعى الربوبية فسلط الله عليه الضحاك الحميرى فقتله واستولى على ملكه ألف عام.
(٢) بيكند ـ بالكسر وفتح الكاف وسكون النون ، بلدة بين بخارى وجيحون على بعد ٤٤ كيلومترا من بخارى. كانت عاصمة لماوراء النهر فترة من الزمن [ش. سامى : قاموس الأعلام ج ٣ ص ١٤٤٣].
وهكذا فى معجم البلدان ج ٢ ص ٣٣٩.